بحلول هذا الوقت من الليل كانت المدينة تتلألأ بأضواء الشوارع وما بها من مراكز ومتاجر وسيارات في طرقاتها.. جفّت الأرض من مياه أمطار صباح اليوم، وانقشعت الغيوم عن السماء لتبرق منها نجمات صغيرات لا تُرى إلا لمن يريد رؤيتها حقًا
على الرصيف الذي تشرّبت حوافه بماء المطر كانت كيت تمشي للأمام بخطوات مستقيمة صارمة تُشبه الروبوت في حركته.. تعرف جيدًا إلى أين تذهب بنفسها، و هذا ما جعلها تتقدّم والدها ونايت
تركتهما في الوراء يتبعانها حتى وصلت إلى المقهى الذي اتفقت مع آينس أن يأخذها إليه من أجل شراء شيء ما تريده من حلوى مكافأة لها لأنها أيقظت نايت من نومه قبل أن تغرب الشمس
دفعت بكلتا يديها الباب الزجاجي الشفاف لـ مقهى غودي ولم يتزحزح إلا قليلًا حتى تدخل آينس لمعالجة محاولاتها الجادة المعروف مصيرها
رنّة جرس صاحبت فتح الباب أثارت انتباه الشاب الواقف خلف منضدة المحاسبة لزبائنه الوحيدين الذين دخلوا المقهى، فـ رحّب بهم بابتسامة لطيفة دافئة تشبه مظهره وهالته: أهلًا بك سيد آينس
وبالطبع حظيت الصغيرة بترحيبها الخاص بها عندما ركضت بسرعة نوع الثلاجة التي ارتصّت على رفوفها أنواع مختلفة من قوالب الكعك
- كيت الصغيرة أيضًا.. مرحبًا بكِ
اتسعت ابتسامته عندما سرقت الحلوى بإغرائها انتباهها وانبهارها وسعادتها كلها.. نظر الشاب إلى آينس الذي وقف عنده وخلفه فتى كان الهدوء واضحًا عليه، فـ حيّاه برأسه ليرد نايت تحيّته بنفس الطريقة
قال الشاب وهو مستعدّ لإدخال الطلبات في الجهاز وطباعة الفاتور: ذات المعتاد؟
أومأ آينس له ثم نظر إلى الفتى خلفه: ماذا تريد؟
لم يكن في باله شيئًا محددًا يريده، أو أساسًا هو لا يرغب بشيء، ولكن ليجنّب نفسه الإلحاح أو الاستياء من كيت قال: ذات ما ستطلبه أنت
عاد آينس لينظر إلى الشاب وقال: علبتا كولا، وكعكة الشوكولاتة من أجل كيت
ردد البائع الطلب بصوت خافت وهو يدخله في الجهاز: علبتا كولا.. و...
أوقفته كيت بسرعة قائلة: لا!! انتظر لحظة!!
اقترب آينس منها وسألها: هل تريدين شيئًا آخر غير كعكة الشوكولاتة؟
ألصقت كيت وجهها بـ الزجاج تتمعن النظر في قوالب الكعك بألوانها ونكهاتها المختلفة والمقطّعة على شكل مثلّثات قبل أن تشير إلى واحدة: هذه! أريد هذه!
أفلتت ضحكة من البائع الشاب فيما تنهّد آينس بتعب عندما ظهر أن اختيار كيت لم يكن إلا كعكة الشوكولاتة التي تطلبها دائمًا.. رفع حاجبيه وقال آينس: ضع لي اثنتين منها
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...