عندما صار وقتُ الاستراحة في مدرسة رانسي بدأت الشعبة الخامسة بالتفرّغ من طلابها بسرعة كبيرة حتى لم يبقى فيها سوى القليل
ولكن كان هنالك كرسيٌ فارغ، ومنذ وقتٍ طويل.. تركَه صاحبه ولم يأتي أحد بعده، ومن يجلس بجانبه لم يستخدمه لحقيبته حتى.. تركه كما هو على أمل أنه في لحظة ما سيعود صاحبه ويجلسُ عليه، ليجعل غيابه حلمًا قصيرًا لن يكتمل
طال الحلم حتى ما عاد شيون يستطيع القول أنه كذلك بعد الآن، لقد كان حقيقة، واتصال نايت عليه في الأمس أقنعه بأنه لن يعود مجددًا، وأن المسافات البعيدة تفصل بينهما حقًا
اشتاق إلى أيام دراسة نايت معه.. كانت قصيرة جدًا، ولكنّ قيمتها فيما حَوَته بالنسبة له.. إنها بمثابة شيء عميق لا يمكن لأحد سواهما أن يفهمه
يتمنى أن تعود كلّ تلك الأوقات.. أمنية من ضرب الخيال فالزمن يمشي للأمام فقط.. لا يستريح، ولا يفكّر بتذكّر ماضيه.. ليس بشريًا
على الأقل لو يُعِيد تمثيل تفاصيلها ومحاكاة مشاعرها ليُصبّر اشتياقه الذي لا حلّ له، ولكن نايت ليس موجود فبمشاركة من سيمثّلها مجددًا عندما يغيب شخص عن دوره الرئيسي...!
لقد أنهى اتصال نايت به كلّ آماله، ولكنه في المقابل جعل من الوقت الذي قضاه في الانتظار ذو معنى.. لم يترقّبه من أجل الوهم فقط، وهذا أكثر ما يريحه الآن
جلست ليديا على مقعد ناتالي أمامه رغبة في الحديث معه.. ابتسامته الخفيفة ومزاجه المشع هو شيء معتاد أن يراه الجميع كل يوم، ولكن اليوم بالذات هنالك جو مختلف حوله
علّقت على ذلك بمرح: واو.. أشعر بأنك تطفو على غيمة الآن!! هل كل هذا لأن نايت اتصل بك أخيرًا؟ ظننتكَ غاضبًا منه بشدة
أفرج عن ضحكة محرجة لا يمكنه التحكم بها كلما تذكر كيف كان ممتعضًا من إغلاق نايت لكلّ الوسائل التي يمكنهم أن يصلوا بها إليه في وجوههم
مسّد رقبته وقال مبررًا: حسنًا.. يمكنني إفراغ غضبي عليه وقتما أريد وبالقدر الذي يعجبني، لديّ متّسع كبير لفعل ذلك الآن بعد أن ضمنتُ أنه لن يهرب مني مجددًا
ضيّقت عينيها: يا لك من فتى خبيث، لو يعرف نايت نواياك هذه لأغلق خطّه للأبد وقام بحظرك من كل مكان!!
رفع حاجبه وبزهو بنفسه: بما إنه صديقي فيمكنه تحمّل ذلك.. إنه خطؤه في النهاية وليس خطئي أنني أصبحتُ غاضبًا منه، بل على العكس من ذلك فقد تصرفتُ معه بنضج كعادتي
هزّت ليديا رأسها مستسلمة، فلا يمكن انتقاد هذا الفتى -ولو مزحًا- على غروره وكلامه بما أنه يقول الحقيقة، وخصوصًا أنها سعيدة بتصرّفه.. غيره من الناس لن يعطوا للطرف الآخر فرصة للتبرير حتى!
فقدت ملامح وجهها مرونتها عندما رأت أوليفر رايتون وراء شيون وقد ألقى بكتابٍ ما على منضدته ليصطدم بها بصوت عالٍ.. التقت عيناهما ببعض ولم يهتزّ أحدهما مرتبكًا من هذا الاتصال البصري
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...