الصباح الباكر.. الوقت المحدد حيث يبدأ الطلاب يتوافدون وراء بعضهم إلى مدارسهم في أوقات زمنية متفاوتة ولكنها تتقارب من بعضها كلما صارت مساحة الوقت ضيّقة نحو الحصة الأولى
تنتقل ميو من ممر إلى ممر في الدور الأرضي متجهة نحو معمل الكيمياء حيث كانت حصّتها الأخيرة في اليوم الماضي، والمكان الذي يُفتَرض أنها نسيت فيه حافظة أقلامها كما أسعفتها ذاكرتها عندما وصلت إلى البيت وقررت البدء بالدراسة قبل أن يعطّلها عن ذلك فقدانها لأهم وسيلة
في العادة هي لا تأتي في هذا الوقت المبكّر جدًا حيث لا يمكن أن ترى إلا عدد قليل من الطلاب، ولكنها اليوم فضّلت ذلك حتى إذا لم تعثر على ما أضاعته في المعمل فبإمكانها البحث في أماكن أخرى براحة قبل أن تمتلئ المدرسة ويصبح الأمر مربكًا
سحبت باب المعمل إلى الجانب ومسحت بعينيها الغرفة الكبيرة المجهّزة بـ مناضد العمل والمقاعد المرتفعة والمغاسل، بالإضافة إلى الأدوات والخزانات التي يتطلّبها العمل وتسهّله أيضًا
خطٌ عرضي من النوافذ في أعلى الجدار المقابل للباب كانت هي الوسيلة الوحيدة لإضاءة المعمل بأحزمة طبيعية من نور خافت، فلم تشرق الشمس بأكملها بعد
المعمل ليس فارغًا.. بالتأكيد ما دامت موجودة فيه، ولكن الأمر ليس كذلك بالتحديد، فقد كان هنالك شخص يجلس في منتصفه بالفعل ويضع رأسه على المنضدة
لم تهتم لوجوده.. دلفت إلى الداخل وحاولت قدر الإمكان أن تكتم صوت خطواتها حتى لا تزعج الصبي بأقلّ صوت يمكن أن يضخمه هذا الهدوء.. وصلت إلى مقعدها الذي كان وراءه تمامًا، وبنظرات سريعة للمكان عثرت دون جهد على محفظة الأقلام أسفل المنضدة فأخذتها على الفور
التفتت نحو الصبي عندما تحرّك على مقعده ورفع رأسه، فقالت على عجل: اعتذر عن إزعاجك...
وهمّت بالمغادرة على عجل لو لم يستدر للوراء ويوقفها تعرّفها عليه: نايت!!
لا يبدو واضحًا لها بسبب الإضاءة غير الكافية، ولكنها تستطيع رسم ملامحه في مخيّلتها وكيف أنها تترجم تعبه الذي جاء به إلى المعمل من أجل الظفر بغفوة هادئة
كان يرتدي معطفًا بنيًا فوق زيّه المدرسي.. قام بضمّه إلى جسده وهو يستدير بالكرسي نحوها.. صامت تمامًا ولا تسمع منه أدنى نفس يخدش سكون المعمل، ولو أنها لا تراه بعينيها لظنّت أن لا وجود له
رأته بعد أسبوع كامل ويضاف عليه يوم، والغريب أن حاله لم يتغير، وكأنه انتقل من يوم الخميس الماضي إلى هذا اليوم دون الحاجة للمرور بما بينهما من أيام
واجم.. سارح.. لا يرفع رأسه لينظر إلى محيطه، كما لو أنه والقاع ينتميان لبعضهما!
تتذكر بوضوح سبب حاله هذا الأسبوع الماضي عندما تعرّض للمضايقة من خمسة أشخاص يدرسون معه في الفصل، غادر نايت المدرسة خلال وقت الاستراحة.. بعدها بأربع وعشرين ساعة تمامًا بدأت شائعة اقتحام الحضانة التابعة للمدرسة، والمتهم واحد من طلاب التبادل.. في مساء اليوم نفسه حظي الموضوع في المنتدى بتفاعل ناري وأصبح في أعلى قائمة المقالات الرائجة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...