99.5 حكايتان -١-

745 86 109
                                    

قد يكون حدثًا واحدًا، ولكن من الممكن أن يحمل لنا حكايتان.. وربما أكثر

------

يوجد دائمًا الكثير من الكلام الذي لا يُقال حتى لأقرب الناس.. يبقى في القلب حتى يُتخِمه ويغيّر من ترتيب حروفه ليخرج إلى العالم بمعنى مختلف وموقف مغاير عن الأصل

هذه نتيجة حتمية ما لم يكن هنالك متنفّس لكلّ الكلام القابع في النفوس...!

وعندما يُحاط الإنسان بجدران أربعة وجمادات لا تسمع ولا تفقه شيئًا يكتشف أنه لا مفرّ من الحديث معهم وإلقاء كلّ الإحباط والألم عليهم

الاستجابة ليست مهمة بقدر أهمية تهدئة رأسه.. لا بأس أن يكون المرء مجنونًا من أجل تحقيق راحته!

ولكن يتبيّن لاحقًا أنها طريقة لا تؤذي أحدًا، وتريحُ قلبًا مُثقلًا.. كما أن الناس يجهلون هذا الجنون الحاصل!

إذًا دائمًا ما يكون هنالك متنفس لشخصٍ يعيش وحيدًا وسط الناس.. إنسان من أمثال ليليث

للكلام الذي لا يُمكن أن يُقال أشكال كثيرة عندها..

أسرارٌ مؤلمة لا تريد أن تناقشها مع شيء صغير كـ نبتة الصّبار التي تعتني بها، ولا حتى مع عقلها

مشاعر ثائرة لمواقف من حياتها اليومية لا تهدأ إلا عندما تكتبها بخطّ يدها في دفتر مذكّراتها.. الخدر الذي تشعر به في ذراعها من فرط الكتابة وثقلها يُشعر قلبها بالرضا

ثم هنالك تلك الأحاديث التي تحتاج قولها لأشخاص معيّنين.. أخواها وأختها، طليقها وابنتهما.. يُرهِقها التفكير بهم ولا يُريحها البكاء مما تحمله من كلام في قلبها

لذا كانت دائمًا تتوجّه لكتابة رسائل ورقية أو إلكترونية لهم.. رسائل لن تصل إلى أصحابها أبدًا، ستتركها محفوظة حتى يحين وقت استلامهم لها.. عندما لا تكون موجودة

بعد أن أنهت عملها في مدرسة رويال فورست عادت إلى شقتها مباشرة لينتهي بذلك يوم عملها في وقتٍ مبكّر جدًا على غير العادة

لم يحن وقتُ الظهيرة بعد، ولا تجد شيئًا لتفعله بعدما بدّلت ملابسها إلى واحدة منزلية مريحة وارتدت فوقها سترة صوفية يقطينية اللون وجهّزت كوب قهوتها السوداء

كانت لديها عدة خيارات لتفعلها.. أن تقرأ كتابًا، أو تقلّب في قنوات التلفزيون، أو تشاهد مسلسلًا ما تعرف جيدًا أنها لن تكمله، أو تشغّل غسالة الملابس وتنتظر عندها بينما تشرب كوب قهوتها وتُبحِر في أفكارها

ولم تنسَ أن تترك كلّ شيء، وتضع كوبها على المنضدة ليبرد محتواه من أجل غفوة مُبكّرة تتناسق مع نهاية يومها المهني

إلا أن جلوسها مع نايت في المسرح وتجاذب أطراف الحديث معه لم يغادر تفكيرها مطلقًا؛ لذا وضعت كل تلك الخيارات المتنوعة جانبًا وحملت حاسوبها المحمول إلى الشرفة حيث جلست على الكرسي ووضعته على الطاولة أمامها

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن