"ما به نايت؟"
سؤال عريض انبثق أمام كريستوفر عندما سمع صوت بكاء مكتوم يعود لابنه وقتما اقترب من باب غرفة النوم، ثم دخلها مع نبضات قلب خائفة إن كان قد أصابه مكروه ما وكتمه في عمقه
سؤاله طرحه حائرًا عندما أبعد نايت ذراعه عن عينيه.. متورمتان ولا ترحمهما الدموع بنزولها منهما.. لم تكن سوى ثواني بسيطة رأى فيها وجه نايت ثم عاد ليخبئه باقترابه منه واحتضانه
لقد كان سؤالًا واحدًا فقط، ولأنه لم يحصل على حق الإجابة سوى باختباء نايت بين ذراعيه تفرّعت الكثير من التساؤلات وانهالت عليه وطوّقته وهو يسمع شهقات نايت التي يحاول كتمانها أكثر مما هي مكتومة
يربّت على ظهره، يداعب شعره، يخبره بصوت خافت ألا بأس عليه.. محاولات عديدة ومختلفة في جعله يهدأ؛ ليسأل، ويفهم قبل أن ينتزع عقله الحق في إعطاء أجوبة مُتخيّلة لكل أسئلته
يريد سماع صوت نايت بارتفاع نبراته، وليس هذا الأنين المرهق الذي لا يفهم منه شيئًا سوى أنه يزيده خوفًا عليه!
أعطاه الوقت، المساحة، والحضن ليحتوي كل ما أمكن له من ألم في قلب طفله، ويرمي بثقله عليه حتى يستطيع رفع رأسه أخيرًا وينظر إليه
انتظر، ولكنه لم ينل...
هدأ نايت بالفعل، واختفى صوت بكائه حتى صار تنفسًا ثقيلًا أخذ بعض الوقت ليصبح منتظمًا، ولكنه لم يترك والده من عناقه أو يحرره.. تركه منتظرًا إياه في صمت شعر كريس خلاله أنه قد طال
عندما أحس بتنفسه الخافت وهدوء جسمه تأكد أنه قد غطّ في النوم بعد أن حصل على وقته في البكاء الذي تركه منهكًا ومتعبًا
وقت البكاء، لا يفعل الإنسان شيئًا سوى ذرف الدموع ومسحها، ولكنها عملية كافية لتقديم الجسد هدية للمرض...
وضعه كريس على سريره وغطاه جيدًا.. قام بمسح مسارات الدموع عن وجهه قبل أن تجف وتترك أثرها عليه..
ما عساه الآن يفعل وهو لا يدرك شيئًا مما جرى.. وصل إلى المنزل واستقبله صوت بكاء طفله، فزع واحتضنه ليهدّئه، وربما ليشعر كريس نفسه بالأمان عليه، ثم تركه نايت متخبطًا في حيرته بنومه دون أن يقول له شيء
في المقام الأول هل سيخبره حقًا لو سأله؟ لعلّه يتأمل ما لن يحصل
أن يستنتج ما خطبه هو الشيء الوحيد القادر على فعله الآن، ودائمًا..
أطفأ الأضواء وترك واحدة تحاول منع الظلام ألا يبتلعها لشدة خفوتها، ترك الغرفة مع إبقاء الباب مورابًا واتجه إلى غرفته الواقعة في آخر الممر
نزع معطفه الأسود وعلّقه على المشجب، ثم فصل أزرار الكمّين عن بعضهما مع واحد في أعلى القميص داكن اللون استعدادًا لتغيير ملابسه.. ظاهريًا فقط فقد كانت حركة أصابعه بطيئة والتركيز كله نصيب عقله
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...