اليوم الثالث في لايدن قضيته كعطلة لي بعيدًا عن المدرسة بالرغم من أنني قررت ألا أتغيب هذا الأسبوع، ولكن نظام نومي المقلوب جعلني أُفضِّل الخروج والتسكع في شوارع لايدن عوضًا عن الذهاب إلى المدرسة لأنني متأكد بأنني سأنام فيها، وما أريده أن أبقى مستيقظًا على الأقل حتى غروب الشمس؛ لذا كان التغيب مع عدم البقاء في المنزل هو أفضل حل
لا تزال الساعة العاشرة صباحًا، السماء غائمة بعض الشيء، والجو لطيف مع هواء بارد يهب بين الفينة والأخرى.. الشوارع والطرقات ليست مزدحمة باعتبار أننا في منتصف الأسبوع ولم نصل إلى وقت الذروة بعد حيث استراحة الغداء أو موعد انصراف الطلبة
كنت أمشي على أحد الجسور المنتشرة على طول النهر على مهلي، وبعد كل دقيقة أو اثنتين تمر بعض الدرجات الهوائية والتي تُعتبر وسيلة تنقل شائعة في لايدن وغيرها من المدن في هولندا، قارب أبيض يمر أسفل الجسر يحاول محركه أن يغطي على أصوات البط الذين يسبحون في المياه، الزهور منتشرة على طول السياج المحيط بالجسر
ومن الجسر بدأت أمشي بين المتاجر والمطاعم المنتشرة على يميني، وأمام كل مطعم طاولاته وكراسيه المتاحة للجلسات الخارجية في الهواء الطلق والنهر على مرأى من أبصارهم، والتي كانت بطبيعة الحال ليست ممتلئة كثيرًا
هنالك من يجلس، وهنالك من يمشي على أقدامه، وآخرون على دراجاتهم الهوائية، والقليل ممن ركبوا القوارب.. الكثير من الأصوات المتداخلة قد تعطي انطباعًا على أن لايدن مدينة صاخبة، ولكن المنازل المتلاصقة ببعضها بألوانها الفاتحة والزاهية، والأشجار المرصوصة على طول الطريق والنهر، والأزهار التي تزيّن الأسوار والمتاجر والمنازل وحتى أعمدة الإنارة، صوت النهر والبط وهبوب الرياح الباردة.. كلها أمور تعطي شعورًا بالاسترخاء والراحة وإن وصل الضجيج إلى أعلى مراحله
أردت في هذه المنطقة أن أزور بعض المتاجر بغرض المشاهدة لا أكثر ولا أقل، فلم أضع في بالي نية لشراء شيء ما.. ساعة أو ساعة وربع ثم أذهب للسنترال وأكمل نزهتي هناك
صحيح أن عضلات قدمي مشدودة وتؤلمني بسبب ركضي المفاجئ صباح الأمس، ولم أشعر بالألم إلا عندما نمت بعد عودتي من المدرسة واستيقظت في منتصف الليل.. إلا أنه كان ألمًا يمكن احتماله، ولا أعلم بصراحة إن كنت سأحصل على تمزق في مكان ما من عضلاتي إن استمريت في المشي بلا مبالاة
دخلت إلى زقاق معروف بمتاجر الملابس والإكسسورات سواء كانت من علامات تجارية معروفة أم عادية.. مشيت فيه على مهل وأنا أطالع الملابس المعروضة وراء الواجهات الزجاجية للمحلات
عند محل ملابس رجالية وقفت أمام فاترينة تعرض قميصًا أسود ذو خامة خفيفة وعنق دائري واسع، كما أنها كانت فضفاضة بعض الشيء وذات أكمام طويل، وعلى طول الكم الأيسر منها شريط أبيض كُتِب عليه اسم العلامة التجارية المشهورة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...