واحدة من أبرز الأمور التي كنتُ أفعلها في الأيام الماضية هي الانتظار والمراقبة.. إما الفصل، أو المنتزه، أو منزل لم أدخله حتى هذه اللحظة
إما أكون وحيدًا أو مع صديق.. والآن أقف مع أخي وراء جذع الشجرة الكبيرة نراقب منزل سيلينا باركر مجددًا ولا أعرف متى سنصل إلى نهاية مهمتنا، وما الهدف منها أساسًا حتى نحققه وننتهي من كل هذا
لقد تلاشى اهتمامي سريعًا بشأنها، ولا أقف الآن مختبئًا سوى مسايرة لرغبات ماكس التي لا أعرف مصدرها وتبريراتها.. أنتظر فقط أن يشعر بالملل حتى نغادر ولا نعود
وفي غمرة هذا الانتظار وما شابهه كان الغرق في عمق الذكريات شيئًا فشيئًا حلًا لفقدان الشعور بالوقت.. ليس لأنه مثاليًا ليقع الاختيار عليه، بل لأن الإنسان يفقد سيطرته أمامها
أجد كلّ الوقت لأمرّ بجميع ذكرياتي التي كشفت عن نفسها بعدما رأيتُ آلفريد برفقة آندريه.. مجددًا وبعد سنتين تتقاطع طُرقنا جهلًا منّا، ولا أملك أدنى فكرة عمّا سأفعله، وما الذي سيتغيّر أصلًا بهذه الدقائق التي رأيتُه فيها
كلّ شيء يؤول للجهل مهما شعرتُ أن أيامي القادمة لا تحمل إلا الأحداث المتوقّعة...
نفس الشيء حصل معي عندما انتقلتُ إلى المرحلة المتوسطة في دومينيك وود.. اعتقدتُ أن سنواتي الثلاثة القادمة لن تختلف عن العامين السابقين بعد أن أصبحتُ أعزّ الرفقاء مع آلفريد والآخرين
ولكن التغيّر الذي طرأ بدأ من إدارة المدرسة نفسها والتي كانت مختلفة عن إدارة المدرسة الابتدائية.. لا أقصد من ناحية الأشخاص فهذا أمر طبيعي، بل من الطباع والطريقة التي تُدار بها الأمور ومدى تأثيرها علي
كنتُ أحمل هويتي ذاتها في الابتدائية والمتوسطة.. طفل ينحدر من عائلة فاحشة الثراء اختار الدراسة في مدرسة حكومية مع عامة الناس
في المدرسة الأولى لم أستشعر هذه الهوية من الإدارة أو هيئة التدريس ولا حتى من جميع الطلاب.. لقد تمّت معاملتي كأي شخص عادي، على الأقل حتى الصف الخامس
أما بعد انتقالي فقد كان المدير ونائبه محتفيان بي ومهتمان بشدة بوجودي في مدرستهما.. ليس فقط لأنني الطفل الثري، بل وأيضًا ابن لعضو في البرلمان
أيًا كان ما سأفعله فأنا حرٌ في ذلك ما داما يسعيان لإرضائي.. كانا من النوع المتملق بكل احترافية وكأن مصلحة ما تخصهما تقبع بين يداي، أو ربما كانا يتوقان للحصول على شيء ما من خلالي بالاعتناء بي
إطراءً أو ظفرًا بجائزة ما...
كنتُ أتجاهل ما يفعلانه، بينما هيئة التدريس انقسمت ما بين مؤيدين لهذا التصرّف وبين من عارض ولكنه صمت وعاملني كغيري من الأشخاص
لم يكن لهم التأثير الكافي حتى مع انقسامهم، ولم يغيّروا الكثير حقًا..
هذا الانقسام حصل أيضًا مع الطلاب.. من كان مهتمًا ويحاول التقرّب مني، وللأسف الشديد أنهم كانوا أشخاصًا على شاكلة الأربعة الذي تشبثوا بي من قبل
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...