86 خُبث

1K 117 963
                                    

وجود ضيف يقضي بضعة أيام في المنزل دائمًا ما يعني أن ساكنيه سـ يجتمعون لأكثر من مرة في اليوم مقارنة بالأوقات التي لا يزورهم أحد فيها

وهذا ما يحصل عند عائلة فينيارد.. وجود أوكتافيا يجعلهم يسارعون في إنهاء أعمالهم وواجباتهم أولًا بأول حتى يلتقوا في بقعة تتلاءم مع الوقت والظروف

قبل وقتٍ قصير اكتمل عددهم في الصالون الرئيسي الواسع، وكل واحد منهم يجلس في جهة من الأربع وكأنهم يأخذون حذرهم من اللا شيء حقًا

ما عدا نايت الذي شارك أوكتافيا نفس الأريكة الطويلة حتى يحصل على صوتٍ واضح منها أثناء حديثها معه.. أما الثلاثة الباقين فـ كانوا شبه مركّزين فيما يتحدثان به

خلال ذلك بدأت خادمة بـ سكب الشاي الساخن من الإبريق إلى الكوب الشفاف ذو الزينة الهندسية بـ لونها الذهبي، ومن ثم دارت جودي حول الجلسة حاملة كوبًا في كل مرة لتسلّمه إلى كل واحد منهم

عندما رآها ماكس تقوم بـ ضيافتهم فَقَدَ كلّ اهتمامه بالحديث الدائر بين أوكتافيا ونايت وصار يراقب عملها بنظرة لا مبالية تعلو وجهه

لو أن جلسة الشاي هذه مع أوكتافيا حدثت قبل يومين من الآن فإنه لن يهتم بـ من يقوم بتقديم الأكواب، ولن يعرف أصلًا بوجود خادمة مثلها في المنزل

لـ كان أكثر قبولًا لـ أوكتافيا، ولن يبحث أو يسأل نايت عنها حتى يعرف شيئًا عن خلفيّتها.. هذا القلق من وجودها حوله لم يكن ليأتيه

ما يعيشه الآن من تناقض بين قلقه وعدم اهتمامه سببه هذه المرأة المدعوّة بـ جودي.. أو ربما بسببه

لم يعد يعرف ذلك حقًا.. لماذا عليه أصلًا أن يعرف؟ يكفيه استمرارها في ارتكاب الأخطاء معه حتى يلومها على كل ما حصل حتى الآن

الأفكار والمشاعر التي يعيشها الآن بسببها تنعكس في عينيه فيرى الأمور على خلاف طبيعتها.. التوتر والضغط المنتشرين في أجواء المنزل قد يكونان كذبة، ولكنهما حقيقة في عينيه بسبب ما يشعر به

جاء دوره أخيرًا في تقديم كوب الشاي، وعندما كانت جودي تقترب منه لاحظ عدم ارتياحها وتجهّم وجهها، حتى أن رأسها على غير العادة ليس مرفوعًا بشكل طبيعي

هذه المرأة.. لا تزال متضايقة رغم أن كلّ من عَرِف بأمر المشادّات الكلامية بينهما يعتبره المخطئ الوحيد وهي الضحية؟

إلى أي مستوى من الجشع والحاجة للاهتمام قد وصلت إليهما؟

ماذا تريد أن تفعل غير ذلك حتى تشعر بالرضا؟

مدّت له صحن الشاي الصغير حيث كان الكوب فوقه، فـ اكتفى ماكس بوضع أصابعه عليه دون أن يمسكه حتى يجبرها على حمله ريثما ينتهي من قوله بصوت خافت: هل تتمنين سقوطه عليكِ حتى تحصلي على سبب جديد يدفعهم للاهتمام بكِ أكثر؟ تبدين راغبة بذلك حقًا...

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن