17 ماكسميليان

1.3K 148 611
                                    

الاستمرار في متابعة ما يفعله دائمًا، وكأن هذا اليوم لا يختلف عمّا سبقه، ولكنه في داخله وقرارة نفسه مدرك تمامًا أن لا شيء يسير كما العادة

ظاهريًا هو يتابع سير يومه مثلما هو الحال دائمًا.. استيقظ باكرًا وأنهى غالبية واجباته وأعماله بينما النعاس كان يتسلل إليه شيئًا فشيئًا حتى سيطر عليه بالكامل عندما لم يتبقى له سوى الشيء اليسير منها.. أضعف من أن يقاومه؛ لذلك استسلم على الفور له ووضع رأسه على المكتب وذراعيه كوسادة له

أما في داخله فقد كان يحظى بمعركته الخاصة مع فوضاه.. كلما حاول ترتيب شيء من كيانه يأتي عقله ويعصف بكل شيء ويزيد الأمر سوءًا عليه

ما كان عليه سوى أن يواجه عقله ويسحب منه إرادته المتحكمة بأفكاره، يحكم عليه بتجريده من سُلطَته.. حرب استنزاف تامة لا فائدة منها، فوضع النعاس حدًا لها فأصبح الجسد والوعي خاسرين له على حدٍّ سواء

كانت بمثابة غفوة تمازج خلالها الواقع بالحلم وفقد قدرته على تمييزه، مثل سماع صوت الباب يُفتَح.. لم يكن يعرف إن كان هذا محض خيال أو شيء يحصل بالفعل، ولكن بالنسبة له فهو لم يحرّك ساكنًا فقد اعتاد من القاطنين في هذا المنزل الدخول لغرفته دون طرق بابها

لا الحلم ولا الواقع سيشكّلان فرقًا الآن

ترَك ماكس كل شيء يسير دون أن يعطيه أدنى اهتمام، فكل شيء بات مُكرّسًا لهذه الغفوة حتى تأخذ حقّها من وعيه، نصيبها منه قبل أن يَغلِبها وينتشله من نعيمها

تحرّكت أهدابه استعدادًا لافتراقها عن بعضها، فتح عينيه قليلًا فكانت الصورة أمامه مشوشة بعض الشيء، إلا أنه استطاع تمييز وجود شخص يجلس بجانبه

- يمكنك العودة للنوم ماكس

انساب صوتها الناعم والخافت برّقة على أذنيه.. لا يتذكّر أنه انزعج يومًا من سماع صوتها، والحال لم يتغيّر الآن وهو شخص استيقظ للتو من غفوة شديدة الهدوء ولا يطيق أن يتكلم معه أحد

رفع رأسه عن المكتب وفرك عينه اليسرى بخفة عندما كادت تدمع، وفي ذات الوقت قال بصوته الذي كان ثقيلًا بعض الشيء: لم أكن أنوي النوم.. فقط غفوة بسيطة

كانت ديانا تجلس بجانبه بعد أن أحضرت كرسي طاولة التجميل.. ابتسمت قليلًا وهي تراه يعدّل الفتحة الدائرية الكبيرة لقميصه الأسود الواسع، ثم نظر إليها واستطرد بعد صمت قصير بسؤال: منذ متى وأنتِ هنا؟

- ربع ساعة تقريبًا

إذًا هذا ما استغرقته غفوته في الغالب.. ربع ساعة كانت ديانا في غرفته ولا يعرف ما فعلته خلالها هنا، أو ربما بقيت جالسة بجانبه تراقبه وهو نائم

- تبدو بخير اليوم ماكس

- بالطبع، ولماذا لا أكون كذلك؟

هزّت كتفيها وهي تشيح بنظرها عنه إلى ملفٍ أزرق كان فوق المكتب فوضعت كفها عليها وتحسست نعومته بإبهامها، بينما ماكس كان يحاول أن يسدّ أي مخرج للضيق حتى لا يظهر على السطح

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن