91 موضوع

1K 114 715
                                    

غادرت الخالة أوكتافيا ظهر الأمس، وعاد المنزل إلى ما كان عليه من هدوء مع جرعة لا بأس بها من الضيق الذي يصاحب محاولتنا في الاعتياد على ما نسيناه من حياتنا اليومية

سفر أبي، وعودة خالتي إلى منزلها.. كلاهما جاءا في نفس اليوم، وهذا يجعل تقبّل فراغ مكانهما صعبًا بطريقة ما حتى وإن تمّ تصنيفنا كـ أفراد عائلة صامتة أو شيء يشبه ذلك

الحضور وحده كافٍ لـ يُحدِث فرقًا في أجواء المنزل...

لم يتبقَ سوايَ مع ماكس وجدي في البيت، وقد مرّ اليوم الماضي في انشغالنا بما يشتّت عنّا الإحساس بـ المكان الذي تركاه أبي وخالتي

قضيتُ وقتي كلّه في الغرفة أدرس، وجدي ما بين مقابلة جارنا وقراءة كتاب ما، أما ماكس فـ قد نام النهار بأكمله بعد مغادرة الخالة أوكتافيا

لم نجتمع ثلاثتنا إلا في الليل قبل موعد العشاء بـ ساعة وجلسنا مع بعضنا حتى جاء موعد نومي، فـ تركتُ جدي وماكس لوحدهما صاعدًا إلى غرفتي

لا أعتقد بأن جدي قد سَهِر لوقتٍ متأخر أيضًا، وبهذا يمكنني التخمين أن ماكس بقيَ مستيقظًا لوحده طوال الليل إلى أن غلبه النعاس

بهذه الطريقة مرّ يومنا الماضي، وظننتُ أن اليوم أيضًا سيمضي بنفس الشكل عندما صحوتُ صباحًا استعدادًا للمدرسة ووجدتُ جدي قد سبقني في ذلك

تقابلنا في المطبخ حيث نتناول طعام الفطور في العادة، ووقتها فاجأني بقوله: سأعود اليوم إلى الريف

واجهتُ صعوبة في بلع الشاي -والذي كان دافئًا لحسن الحظ- دون أن اختنق به، ثم نظرتُ إلى جدي على الفور مستنكرًا: لماذا قررتَ ذلك فجأة؟

إلا أن إجابته جاءت بشكل طبيعي لا مبالي: لا توجد أي مفاجأة.. ليس وكأنني قلتُ سابقًا أنني سأعيش هنا للأبد

- بالطبع أنتَ لم تفعل، ولكن لا يزال الأمر مفاجئًا أن تخبرني بهذا في نفس اليوم!

- حسنًا، هكذا سارت الأمور.. هل مضى شهر على تركي لمنزلي؟ تقريبًا! منذ يوم ميلاد ماكس وأنا لم أذهب للريف.. حان الوقت للعودة بالفعل ما دامت الأحوال مستقرة هنا

هي تبدو كذلك بالفعل وكأننا نمشي في خط مستقيم نحو حياة يومية طبيعية، ولكن من الواضح أننا نحاول اعتياد ما نفتقده في هذا الوقت

بعد أبي وخالتي يأتي جدي ويقول بأنه أيضًا يريد الرحيل عن البيت إلى الريف! هذا كثير للاعتياد عليه دفعة واحدة...

ولكن لا أرى أن باستطاعتي فعل شيء ما.. لطالما كان جدي من النوع الذي يقرر وينفّذ على الفور، لا يجب على ذلك أن يكون غريبًا عليّ

الغريب حقًا أنه بقيَ كل هذه المدة الطويلة معنا دون أن يصرّح عن رغبته في العودة إلى الريف، حيث أصبح يجد راحته هناك أكثر منذ مرض جدتي

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن