98 رهاب

872 107 199
                                    

الفقدان شعور سرّي جدًا، دفين في القلب الذي يسكنه.. يُعبّر عن نفسه بالحزن في بداياته ثم يختبئ عميقًا ولا يصرّح عن وجوده إلا لصاحبه عندما تُثِيره الذكريات والأماكن

إن غاب شخصٌ فإنه يترك وراءه هذا الإحساس لكلّ من أَحبّه ليتشاركوه مع بعضهم ثم يخبّؤوه في قلوبهم.. وحيدون معه، يعتادون على وجوده ويراعونه كلما أراد لفتَ انتباههم له

وما سيبقى ملموسًا ممن غادر تلك الأماكن التي قد تتغير، أو الأشياء التي ستُبلَى وتبهت مع مرور الوقت.. كلّ شيء قابل للزوال، حتى ملامحه في الذاكرة ستتغيّر وتزول

مسحت كلارا على اللافتة الذهبية والمثبّتة في قاعدة سيراميكية سوداء.. كان اسم "ماكسميليان ديفاريوس" محفورًا فيها.. أبعدتها عن مكتبه لتحملها بحذر، كما لو أن روح صاحبها موجودة فيها وتملأ مكانه الفارغ

هذا هو حاله الآن.. موجود كالعطر حولهم، ولكنه سرعان ما سيذوي ويتلاشى مع الهواء إن قرر ألا يعود

ولكنها تريد أن تصدّق بعكس ذلك، بكلّ الإشارات التي تخبرهم أن غيابه لن يطول، وسرعان ما سيُظهر نفسه

تفضيله الدراسة المنزلية بدلًا من الانتقال إلى أحد مدارس أمستردام حيث يقطن، كلام شيون عن أنه قد يأتي ليخضع للاختبارات النصفية معهم، وهذه اللافتة التي تؤكد أنه لا يزال محتفظًا بمكانه كرئيس لشؤون الطلبة وما من مناقشات تدور حول تغييره بأحد آخر منهم

الجمادات والمسميات ثابتة في مكانها، بينما هم المتقلّبون في حيرتهم ويأملون صِدق ما يريدونه حقًا

خرجت كلارا إلى الشرفة حيث كان الهواء أبرد وأقوى مقارنة بدخوله إلى المكتب من الباب الزجاجي المفتوح، نظرت إلى يسارها حيث كانت ديانا تستند على الجدار وتمدّ قدميها

تُغمِض عينيها ولا تضايقها خصلات شعرها التي يعبث بها الهواء ويمرّ من خلالها.. لا يمكن الشكّ في أنها كانت غارقة في نوم عميق، خصوصًا أنها من النوع الذي يقع نائمًا في أي مكان.. طبيعة عملها تجعلها مُرهقة ولا تشعر بنفسها

جلست كلارا بجانبها، ثنت ركبتيها وضمتهما إلى صدرها.. بصمت وهدوء حتى لا توقظ ديانا، ولم تفعل شيئًا سوى النظر إلى السماء الغائمة

- لا يوجد داعٍ لتكوني بهذا الهدوء كلارا، أنا لستُ نائمة...

لم يتغيّر وضع ديانا سوى أنها فتحت عينيها.. هزّت كلارا كتفيها وقالت: على غير العادة

- لقد انتهى التصوير بالفعل وأنا في عطلة حتى بداية العام الجديد، لا يوجد شيء أفعله سوى المذاكرة في البيت؛ لهذا السبب يوجد وقتٌ كافٍ للنوم

ابتسمت بسخرية: الدراسة مع اقتراب الاختبارات النصفية كافية لتصيبك بالأرق وتحرمكِ من النوم هذه الفترة

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن