- ستكون الليلة مناسبة لمشاهدة النجوم.. ما رأيك أن نصعد للسطح ونراقبها معًا؟
كانت هذه الإجابة التي نطقها نايت على سؤال صديقه.. لم تحمل أي مغزى أو معنى يجعل من السؤال المطروح مسبقًا أي فائدة.. تركه مقطوع السبيل فـ حسب كما لو أنه بلا وجود
نايت لم ينتظر ردًا من شيون الذي أعقب سؤاله بالصمت، ينتظر ما بعد التهرّب الواضح من صاحبه على ما طرحه شكًا يحتاج إلى اليقين، أردف وهو يكمل مشيه: اتبعني
ليس متأكدًا إن كان تهربًا حتى النهاية.. هو لم ينفي الأمر عن نفسه، ولو فعل لاعتذر شيون فورًا منه ووضح له سبب سؤاله ويسنده إلى الجهل والمخيّلة الواسعة التي بورك بها وأحرجته
كما لم يبدي تهربًا صريحًا؛ لأن لديه فرصة لإعادة طرح السؤال مرة ثانية وثالثة حتى يحصل على إجابته.. لو أراد التهرب لـ أخرجه من منزله متعذرًا بأي شيء، ولكنه يعطيه وقتًا أطول وفرص أكثر
قرر أن يوافق في هذه الحالة ويتبعه فضولًا لمعرفة النهاية.. كيف ستبدو؟
أخذ نايت أولًا سترته الكحلية من الصالون وارتداها بينما يصعد السلالم.. يُغلق سحّابها حتى رقبته ويعدّل القبعة من الخلف، وشيون وراءه يمشي بخطوات أبطأ تاركًا مسافة بينهما وعيناه لم تفارق ظهر المشكوك في أمره
المشكوك في أمره؟... ياله من وصف يناسب الوضع الحالي!
ليس عليه أن يتوقع وضعًا أقل ريبة من هذا وهو قد طرح سؤالًا غريبًا عليه كـ "هل فقدت ذاكرتك؟" من العدم ودون أي مقدمات
دفع نايت بابًا حديديًا وحيدًا وصلا إليه بعد أن أنهيا صعود السلالم وتخطي الطابق الأول.. عصفت به ريح باردة على الفور وسكنت سريعًا لتتحول إلى اهتزازات هوائية تشبه حركة الأمواج الهادئة
تابع نايت مشيه في السطح الواسع والذي تتطاير فيه الأتربة بقدر ضعفها أمام الرياح.. وصل إلى السور الحجري المرتفع حتى نصف طوله وحدّق في السماء المرقطة بالنجوم الفضية اللامعة تحاول أن تغزو بكثرتها النسيج الكوني أسود اللون
نايت: لا تبدو لي مهتمًا برؤية النجوم.. صحيح؟
وقوفه خلفه عوضًا عن جانبه، وشعوره بنظراته عليه لا للسماء يجعله يعرف ما هو الأمر الذي يهتم به الآن أكثر من أي شيء آخر
شيون يخبئ كفّيه داخل جيوب سترته يقيهما برد هذه الليلة، يقبضهما في الداخل كـ محاولة في التحكم بتوتره الطفيف والذي يخشى أن يزداد لو استمر نايت يتجاهل ما حصل في الأسفل
لذا الاستمرار في محاولة حفر الموضوع حتى يصل إلى ما يريد هو ما سيفعله، لن تكون النهاية إلا بالمعرفة أو الرفض الصريح من نايت
شيون: للأسف.. حاليًا اهتمامي وفضولي موجه نحو شيء واحد.. أنت
أسفرت شفتاه عن ابتسامة خفيفة وضحكة صغيرة خافتة جدًا لا يمكن لأحد سواه سماعها.. يمكنه أن يجيب ويرفع من شعور الرضا عند صديقه، ولكن هذا يعتمد على الحد الذي يكتفي منه فضوله
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...