هدأت الأوضاع في المنزل الريفي مساءً عندما اتجه قاطنوه إلى غرفهم ليحظوا بعزلتهم الخاصة بعد أن قضوا الصباح والظهيرة معًا
وليعطوا فرصة لضيفتهم حتى تأخذ قسطًا من الراحة أو أيًا كان ما تحتاجه لتفعله وحدها في غرفتها
مرّت أكثر من ساعة والمنزل غارق في الهدوء حتى قرر كريس أن يترك غرفته.. مشى في الرواق ومرّ بغرفة ابنيه التي كان بابها مفتوحًا على مصراعيه، أضواؤها مطفأة ولا أحد فيها سوى ميني وغابي النائمان
تعدّاها إلى غرفة والده حيث كان الباب مواربًا فطرقه ليُعلِم صاحبها أنه سيدخل.. وجد روبيرتو مستلقيًا على سريره ويغطي جسده بغطاء خفيف، وقد أبعد ذراعه التي تحجب النور عن عينيه عندما سمع صوت فتح الباب
تساءل كريستوفر وهو يدخل: هل أيقظتُك؟
عدّل روبيرتو من وسادته حتى يتكئ بظهره عليها: لم أكن نائمًا.. هل لديك شيء تريد الحديث عنه؟
جلس كريس على السرير وهو يقول: نوعًا ما، ولكن لا أعرف إن كان مزاجك اليوم يسمح لك بالحديث عن أي شيء معي
- هذا يعتمد على ما تريد قوله.. إن كانت أمورًا سخيفة كالتي قلتَها على مائدة الغداء فلا تلم إلا نفسك عندما ترى ردة فعلي
- ستمرض حقًا إن غضبتَ كثيرًا وعلى أي شيء بسيط أو عادي!!
حرّك رأسه وقال بسخرية: بل أشعر أن صحتي تتحسن عندما أفرّغ غضبي وتوتّري على من يتسبب بذلك.. إن هذا أفضل من كبح أعصابي
نظر إليه كريس مرتابًا من طريقة التفكير الجديدة التي أصبح يمتلكها والده، فهو لم يكن سريع الغضب يومًا
لطالما حافظ على هدوئه وحِلمِه، وفي المواقف التي تستطيع إغضاب أي شخص كان قادرًا على ضبط انفعالاته وتحكيم عقله
لا ينجرّ وراء عواطفه الهائجة إلا عندما تفيض منه واتجاه أمر يستحق، حيث لا يستطيع كائنًا من كان الالتزام بطبعه الهادئ وسيطرته على مشاعره
كريستوفر: لم تكن هكذا إلا مؤخرًا...
- من الجيد أنك انتبهتَ إلى ذلك حتى تكون حذرًا في كلامك وتصرفاتك إن كنتَ تخاف عليّ من المرض!!
- ما أقصده بأن طبعك تغيّر منذ ليلة سفري.. لم أكن موجودًا حولك لفترة من الوقت، ونفس الأمر بالنسبة لماكس ونايت بما أنك عدتَ إلى هنا بعد مغادرتي.. لا يبدو لي أننا السبب حقًا في كلّ هذا الغضب والضيق غير المبرر اتجاهنا
أشاح روبيرتو بوجهه للناحية الأخرى وهمس بدون اهتمام لكلام ابنه: هل الأمر هكذا حقًا...؟
يفهم تمامًا مقصد كريستوفر؛ لأنه يُدرك ما كان يزعجه طوال هذه الفترة، وهذا يكفيه حتى لا يرغب بالحديث عن الأمر
إن كان كريس يعرف ما يحصل معه فلا حاجة للتعمّق فيه وتبادل الحديث حوله
ولكن في النهاية كريس لم يأتي إلا لهذا الشيء، ومطلبه هو الحديث عن الأمر.. ردُّ روبيرتو يعني أن التلميح لن ينفع
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...