كانت كلّ مشاعري في حيرة من أمرها بسبب ما مرّت به في وقتٍ قصير، فقدَت هوية ما يجب أن تكون عليه.. حزنًا أم ذهولًا أم غضبًا
أحاول بقدر استطاعتي جعلها تستقر، ولكنها تنجذب نحو إحساس غبي لا أريد القبول به.. الخجل!
دارت أفكار عقلي حول شيء واحد.. أن الطريقة التي أقابل فيها أفراد هذه العائلة لأول مرة تكون غريبة، وتتسبب في إحراجي دائمًا..
كنتُ أجلس مقابل الرجل وبيننا طاولة قريبة للمطبخ المفتوح، أمسكتُ بكأس الماء البارد لأشرب منه وأرطّب حلقي الذي زاد جفافه أكثر من السابق
وعلى الأقل بعض الحركة تُذكّره بوجودي حتى لا يظل ملتزمًا الصمت ويزيد من توتري
عندما قرّبتُ حافة الكأس من فمي تحدّث الرجل أخيرًا: بالمناسبة.. سمعتُ أنك أصبحتَ صديقًا لابنتي ميو قبل أن تتعرف على سيلينا
وأخيرًا قال شيئًا...! امتنعتُ عن الشّرب وأعدتُ الكأس إلى مكانه لأجيبه: هذا صحيح.. لقد كانت مصادفات غريبة وقعت بيننا وأصبحنا بفضل هذا كله أصدقاء
هزّ رأسه متفهمًا: نهاية جيدة فعلًا.. أعرف أنك انتقلتَ من رانسي وربما لا تعرف الأوضاع جيدًا فيها، ولكن على الأقل عندما كنتَ هناك آمل أن ميو كانت بخير وتُبلِي حسنًا؟
كلامه أعطاني انطباعًا بأنه لا يعرف أيّ شيء عن أوضاع طلبة التبادل في ذلك الوقت وكيف ازدادت سوءًا حتى انتقلتُ من المدرسة
إما أن الفتاة وخالتها أبقيتا الأمر سرًا عنه، أو أن ميو أصلًا لم تقل لأي أحدٍ شيئًا عمّا مرّت به من أوقات صعبة، ولا أستغرب فعل شيء كهذا منها
ولكن سواء كان والدها يعرف أم لا فأنا لا أملك أي سبب يدفعني للتحدّث عن أمور شائكة كهذه، والتهرّب لن يكون تصرفًا مقيتًا مني اتجاه شخص أقابله للمرة الأولى؛ لذا قلت: لقد كانت كذلك بالفعل، وأراهن أنها لا تزال حتى الآن تُبلِي بشكل جيد
من الراحة التي ظهرت على وجهه علمتُ أنه حقًا جاهل بشأن المشاكل التي حلّت على رأس ميو.. يبدو أنهما قليلا الاتصال ببعضهما
وهذا ما أكّده لي سؤاله التالي الذي طرحه بتردّد: بما أنك صديقها فلا بدّ أنها قالت لكَ شيئًا عني.. أليس كذلك؟
جعلني سؤاله وطريقة طرحه له أبتسم بتلقائية، فقد ذكّرني هذا بشيء فعله جدي في وقتٍ سابق معي، فوجدتُ نفسي أُجيبه با بارتياح أكبر له: بالتفكير في الأمر فهي لم تتحدّث عنك سوى مرة واحدة، أخبرتنا وقتها أن والدها يعمل في الخارج.. هذا فقط كل ما قالته عنك
أحبطه ردّي وحاول مقاومة ذلك بقوله بنبرة صوت منخفضة: لا بأس.. هي أصلًا لا تتحدّث عن نفسها كثيرًا للناس، حتى معي
أتفق معه بشدة..!
أنا لا أعرف عنها شيئًا سوى ما قالته في يوم عشاء التعارف بين أربعتنا، والباقي هي أمور اكتشفتُها وجمعتُ بعثرتها في كلامها بنفسي
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...