دخل جيوفاني إلى غرفة جيمس ليتأكد من أنه موجود في المنزل وفقط ينزوي بعيدًا عنهم أم لا، ولكنه لم يكن كذلك.. الغرفة فارغة، وهو غير موجود في أي مكان
هكذا أصبح وضع أخوه منذ شهرين.. يغيب عن البيت لأيام، ثم يظهر لساعات ويعاود بعدا الاختفاء
لو أنه لا يعرف بأن جيمس خلال هذا الغياب يقوم بمطاردة آستيرا فما كان سيلومه.. فالشخص الوحيد الذي بات يتحمل هذا المنزل وصاحبه العجوز هو نوريا
أحلّ جيوفاني لنفسه التجوّل في الغرفة ما دام صاحبها غير موجود، ثم أخيرًا جلس على كرسيّ المكتب الدوّار باسترخاء لجسده وعينيه المغمضتين
غياب جيمس جعله يفكّر في الآونة الأخيرة بمغادرة المنزل هو أيضًا والعودة إلى شقته، ففي النهاية الشخص الوحيد الذي عاش من أجله في القصر طوال السنوات الماضية لم يعد موجودًا الآن
الآن هو بلا أي مسؤوولية.. ما دامت نوريا تتحمل العناية بوالده بكامل رضاها وتطلب منه أن يبقى بعيدًا فلها ذلك! لن يتدخل
يتوق حقًا لشعور التخلي عن المسؤوليات الخاصة به، والخاصة بغيره بعد أن حُرم منه منذ اثنيّ عشر عامًا
عليه أن يترك هذا البيت حقًا ويلتفت إلى شؤونه فحسب...
فتح عينيه عندما عكّر استرخاؤه ارتفاع صوت رنين كان قريبًا منه، ولم يجد مصدرًا له سوى الجهاز اللوحي على المكتب والذي أُضيئت شاشته بسبب الإشعار
أخذه وقام بفتحه مستخدمًا كلمة السر التافهة التي يضعها جيمس على كلّ أجهزته والمتمثلة في سنة ميلاده
عندما فًتحت شاشة القفل لم تظهر الصفحة الرئيسية، بل الصندوق الوارد للبريد الإلكتروني، وقد كانت هنالك رسالة وحيدة جديدة هي التي أُصدر صوت الرنين بسببها
إنها من ليليث..! إذًا هما باتا على تواصل ببعضهما...
ولكنه لاحظ شيئًا غريبًا! فجميع الرسائل التي تحتها من ليليث أيضًا وفي تواريخ متقاربة...
من المستحيل ألا يكون هنالك شخص غيرها يرسل له!
وأخيرًا تبيّن له السبب عندما ركّز في أعلى الصفحة.. هذا لم يكن البريد الإلكتروني الخاص بأخيه جيمس، بل أخته الأخرى، كورديليا!
لم يفكّر مطلقًا بشأن بريدها الإلكتروني ومتعلقاتها التي كانت تستخدمها سواء المادية وغير المادية!
من باب الفضول أراد أن يعرف ما ترسله ليليث لشخص غير موجود في عالمهم، فقرأ الرسالة الجديدة التي وردت منها للتو
"كورديليا كورديليا.. اسمعي!
هل تتذكرين عندما أخبرتك قبل ثلاثة أيام أنني اقترحتُ على آينس أن آتي لأمستردام وآخذ كيت منه لأقضي يومًا معها؟!
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...