67 ضغوط متراكمة

941 104 235
                                    

إن طريق الحياة هو انعكاس لتراكمات من ماضي الإنسان بكل أفكاره.. مشاعره.. قناعاته.. خبراته

وإن اختلفت كلها في الحاضر عما كانت عليه في السابق فإنها لم تأخذ حقّها في الظهور دون سبب، بل لأنها تطورت وحصلت على شكلٍ جديد بفضل تجربة طويلة كانت أو قصيرة مرّ بها الشخص

تتذكر كورديليا جيدًا كيف كانت مرحلة شبابها التي سبقت زواجها.. فتاة مندفعة نحو كل ما يشدّ انتباهها، تتلألأ أعينها اتجاه ما يثير اهتمامها، وبتهور تريد الحصول على ما ينال إعجابها

إلا أن أمام كل شيء تحبّه لا بدّ من وجود عائق ينبغي عليها اجتيازه، أو الالتفاف من حوله، أو التخلي عن التقدم والبحث عن طريق آخر ومسعى جديد لها.. عائقها كان شخصًا واحدًا في أغلب الأوقات

كَبُرَت كورديليا بهذه الطريقة التي تجعلها تبذل كل جهدها حتى تنال ما تطلب.. ما من شيء يأتي بسهولة فالثمن لا بدّ من دفعه للعبور

عائقها هذا قد بدأ يتلاشى عندما تشجعت على اتخاذ طريق جديد في حياتها.. هي بطبعها كانت شجاعة لتستمر في مواجهة والدها دائمًا، ولكن كانت تحتاج إلى دفعة أكبر حتى تتطور هذه الصفة فيها وتستطيع أن تمسك بيد كريستوفر وتسير معه حيث يريدان

ذلك العائق تُرِك خلفها كـ شجرة ضخمة عتيقة.. خرجت من ظلّه إلى نور الشمس في كبد السماء الزرقاء، ووقفت في منتصف أرض خضراء منبسطة تفرد يديها كـ طير حر يعشق الرياح التي تتغلغل في ريشه وهو يطير

ظلّ الشجرة لن يلحقها ما دامت لن تقترب منها، يمكنها العودة إليها وقتما تشعر بالتعب، وتريد أن ترتاح، وتحتاج لطمأنينة ومنزل مألوف لها

لقد كانت تتوق لهذه الحرية أن تصبح أمنية محققة، وحصل لها ذلك.. ظنّت أنها ستنطلق في الحقل الأخضر الفسيح دون أن يوقفها أحد

إلا أنها مع مرور الشهور كانت تصبح أكثر نضجًا واتزانًا بعد أن عثرت على حياة أحبّتها أكثر من الحرية.. أو لعلّها بعد أن حازت عليها بين يديها أصبحت تتطلّع نحو أشياء أكثر أهمية مع كل تجربة تخوضها

نعم.. الإنسان لا يتوقف عن السعي بمجرد حصوله على شيء.. طموحه وجشعه لا حدود لهما فهو ما إن يطأ أرض السهل المنبسط فلن يتوقف عن الركض عليها إلا لاستراحات قصيرة

الوجهة الأخيرة لا وجود لها في المنتصفات...

لقد كانت كورديليا شخصًا عاديًا يتمنى ويسعى وينال دون أن تتوقف.. حياتها قبل الزواج، لم تكن مثل حياتها بعد الزواج.. أحبّت هذا الاختلاف كثيرًا

تستيقظ كورديليا يوميًا في الصباح مع كريستوفر، كلاهما يستعدّان لبداية يوم جديد بطريقتهما الخاصة والتي تتناسب مع التزاماتهما اليومية

ثم يأتي دور إيقاظ ماكس ومساعدته في تجهيز نفسه من أجل الذهاب إلى الروضة، مرة والده يكون برفقته في ذلك ومرة والدته.. بـ حسب من ينهي روتين بداية الصباح أولًا

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن