وقفت سيارة فارهة سوداء اللون على جانب الجسر الطويل في وسط المدينة، وفُتِحت إشاراتها الرباعية وتبع ذلك خروج السائق من السيارة بعد أن طلبت منه ليديا إعطاءها والراكب الجديد بجانبها مساحة خاصة للحديث
الطريق من متجر الألعاب وحتى الجسر لم يكن طويلًا جدًا.. استغرقهم بضعة دقائق لا تُعطي فرصة لأن يتحدّث أحدهما؛ لهذا كان وجود ليديا مع نايت لا يختلف عندما تكون الفتاة وحدها
وحتى بعد نزول السائق من السيارة لم تقل ليديا شيئًا على الفور.. هي تركّز نظرها على ظهر مقعد السائق أمامها، ونايت ملتفت يمينه نحو النافذة يراقب طريق الجسر الخالي في فتور
تركت ليديا جانب الصمت ونظرت إلى نايت الذي لم يظهر منه سوى جزء صغير من جانب وجهه لتسأله: هل أنت بخير؟ لقد تغيّبت عن المدرسة في الأيام الماضية ولا يوجد أي خبر عنك
نايت: كما ترين أمامك.. لا يبدو أن بي خطب ما
- هذا واضح للغاية؛ لذلك سألتك إن كنتَ بخير.. أنت لستَ مريضًا للحد الذي يستدعي غيابك من بداية الأسبوع عن المدرسة...
ثم صحّحت ما قالته: لحظة، بل من نهاية الأسبوع الماضي.. غادرت في منتصف الدوام المدرسي فجأة مع أنك بدوت عاديًا كأي يوم مضى
أخيرًا أبعد نايت عيناه عن النافذة وعدّل ظهره ليسنده على المقعد.. شبك أصابع يديه ببعضهما فوق ساقيه وقال: إنني أمرّ ببعض المشاكل هذه الأيام وهذا سبب تغيّبي
- وسبب عدم مقدرة أحد على الوصول إليك؟ أصدقاؤك في المجموعة يقولون أن هاتفك مغلق ولا ترى أي شيء من رسائلهم...!
- أخرجت شريحة الاتصال من الهاتف.. هذا كل شيء
هزّت ليديا رأسها متفهمة، ولكنها سرعان ما قطّبت جبينها وسألت في حذر: هل من الممكن أن تكون مشاكلك لها علاقة بالشائعات المتداولة هذه الأيام؟
نظر نايت إليها.. شائعات متداولة؟ لا شائعات تخصّه يعرفها غير تلك الأكاذيب السخيفة التي سمعها من النمّامين في فصله عن والده يوم الجمعة الماضية.. يبدو أن أباه يشغل عقولهم أكثر من اللازم
ولكن حتى يتأكد من نوع الشائعات التي تقصدها سأل: هل هي عن أبي؟
تعجّبت ليديا من سؤاله: وما دخل أبيك؟
تجاهل سؤالها وقد وُلِد في قلبه قلق رغم صِغرِ حجمه إلا أنه سيطر عليه: إذًا عن من؟
- عنك أنت...! في حال لم تأخذ جولة على المنتدى المدرسي الأيام الفائتة فـ عليك أن تعلم أنك في خانة المواضيع الساخنة منذ يوم الجمعة!!
عَلِمَ ذلك.. أن أول مضايقة حصلت له في بداية الفصل الدراسي لم تكن عشوائية، والثانية كانت مقصودة ومرتّبة.. هنالك من يكرهه في مدرسة رانسي ليس لأنه طالب تبادل فقط، بل أيضًا لكونه ابن سياسيّ يذكّرهم بالطالب الفاسد الذي كان معهم في المرحلة الإعدادية
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...