55 انتظار

1.2K 126 365
                                    

ما الذي فعلته؟
ظلّ هذا السؤال يدور في خاطري ويطرق كل باب يجده داخلي حتى يعثر على جوابٍ شافي، والمحصّلة كانت أن لا جواب منهم كان كافيًا لـ يرضي علامة الاستفهام في نهايته

لم تكن المشكلة بي، بل في هذا السؤال الفضفاض الذي يصوّر جوابه حياة كاملة، فما الأفعال سوى قطع متراكبة للصورة التي عاش الشخص عليها

إجابتي هي حياتي كلها منذ ابتدأت وحتى حلول هذه اللحظة.. لا أعرف جوابًا أكثر دقّة من ذلك

كانت حالة ضياع أكثر من كونها فراغ، والتصرف الصحيح في هكذا وضع هو الهدوء، والاستمرار في الهدوء وألا أبرح مكاني حتى يأتي أحدٌ يرشدني إلى الطريق، وإن لم يكن لهذا المرشد وجود فإذًا هذا الانتظار جدواه أن أستجمع نفسي ثم أتحرّك على أمل العثور على الطريق الصحيح

إذًا هي ليست حالة دائمة، فلا بدّ من التحرّك والمضيّ قُدُمًا في وقتٍ ما...

إدراك ذلك قَرَن الهدوء بـ روحي التائهة.. حتى مع دوران آخر ما حصل لي في عقلي لم أجزع.. كان هذا وقتُ ثباتي الانفعالي الذي هجرني مع ثوران عاطفتي في الأيام الماضية

يا للغرابة!...

لم يكن لديّ أي شيء لأقوله مع استيقاظي، ولا يزال الأمر كذلك.. فقط جاء الطبيب لرؤيتي، تحدّثت معه على مسمع من جدي الذي غادر معه تاليًا خارج الغرفة ولم يعد حتى الآن.. تقريبًا لم يمضي وقت طويل جدًا على ذلك.. لا أستطيع التحديد حقيقة فأنا لا أعرف كم كانت الساعة عندما استيقظت وكم هي الآن؛ لذا لا علم بكم مضى سوى تقديرًا مني وعلى حسب حالي

اضطجعت على جانبي الأيسر أعطي الغرفة وكل من قد يدخلها ظهري وأغمضت عيناي ليس طلبًا للنوم، فقط رغبة في رسم الصورة الكاملة على لوحة مظلمة.. رغم أنها صورة ليست كاملة حقًا ولكن يمكن استنتاجها

بقيتُ هكذا حتى عندما سمعت باب الغرفة قد فُتِح وصوته مكتوم، شخص دخله بهدوء غالبًا حتى يتفقد الوضع في الداخل قبل أن يقرر الدخول

تلا ذلك بثواني صوت إغلاقه ثم خطوات تتجه نحوي حتى وقفت ورائي ثم حديث بنبرة خافتة كانت أقرب لحديث الشخص لنفسه بخيبة أمل: عُدتَ للنوم!...

ليس الأمر أنني أتظاهر بالنوم أصلًا وهذا ما جعلني أفتح عينيّ وانقلب للاستلقاء على ظهري أطالع أبي الذي كان واقفًا عندي ينزع معطفه الرمادي عن قميصه الأسود، ولكنه تجمّد للحظة عندما فاجأته باستيقاظي السريع كما قد يظنّ

- لستُ نائمًا

رسم ابتسامة صغيرة غيّرت من ملامح وجهه ثم تابع نزع معطفه ووضعه على المقعد القريب وجلسَ على طرف السرير حتى يحصل كلانا على نظرة أقرب وأكثر راحة للآخر

- هل تشعرُ أنك بخير الآن نايت؟

رفعت من جسدي حتى اعتدل جالسًا وأنا أومئ إيجابًا: لا شيء سيء بي.. أظنّ

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن