على الطريق السريع كانت هنالك سيارة رمادية اللون تقطعه بسرعة متجاوزة للمحددة قانونيًا، وتنساب من بين السيارات التي تمرّ بها على مختلف المسارات، وكأن سائقها مستعجل على اللحاق بـ موعد تأخر عنه
ولكن داخلها حيث يجلس الصديقان لم يكن أحدهما مستعجلًا أو شيء من هذا القبيل فـ الوقت في صالحهما وسيصلان في الموعد المحدد، ثم إن السائق هو أخبر بالخط الذي يصل لايدن بـ أمستردام والعكس لـ كثرة عبوره له طوال سنوات عديدة
كم سيارة تم إبعادها عن مسارها.. كم سيارة تم تجاوزها.. كم مخالفة سـ يحصل عليها.. كانت هذه تساؤلات أُثيرت في عقل آليستر الجالس على مقعد الراكب ويسند رأسه إلى قبضة يده، ويده الأخرى منشغلة في هاتفه ويختلس النظر للطريق مرة بعد مرة.. مظهر لا مبالي، ولكنه من داخله يبالي حقًا وقلق
كان قد اتفق مع كريستوفر أن يأتيه إلى منزله ويترك سيارته هناك ويتحركا معًا بسيارة كريس.. صاحبه بالتأكيد سيبقى في أمستردام وأما هو فـ سيتدبر أمره من أجل العودة، أو قد يبقى ليومين في أمستردام إن كان ممكنًا ثم يعود بعدها
عندما وصل آليستر إلى منزل فينيارد لم يتأخر كريس في النزول إليه بعد أن أعطاه اتصالًا قصيرًا تنبيهيًا، ولكنه لاحظ وجود خطب ما في ملامحه المتضايقة.. كان هنالك شيء غير طبيعي
تحدّثا معًا عندما تحركت السيارة.. حديثًا قصيرًا للغاية كانت الإجابات وردّات الفعل مختصرة جدًا للوصول إلى نهاية الكلام، والنتيجة بعد ذلك هي الصمت المطبق عليهما
وأخيرًا بعد أن دخلت السيارة الطريق الرئيسي بدأ كريس في زيادة السرعة تدريجيًا حتى أصبح الحال هكذا، وحاليًا لاحظ آليستر أن العدّاد قد زاد عما كان عليه قبل خمسة دقائق
إن تركه على حاله فلن يكون كريستوفر ممانعًا لأن يحطّم العداد ويقوم بتصفيته بالكامل، وعند هذه الفكرة لم يستطع منع نفسه من أن يتحدث منزعجًا: إن لم تكن تريد أن تقود بشكل جيد فـ دعني أتكفّل بذلك!!
لم يتحدّث ويعطيه ردًا، بل فعل ذلك بتقليل السرعة.. ليس بشكل كافٍ إنما انخفاض بسيط لا يكفي لـ يشعر أي أحد يركب معه بالأمان
ولكن آليستر اضطر لـ عدم التعقيب ورمقه بنظرة مستاءة قبل أن يعود للنظر إلى هاتفه ويُكمِل محادثته الكتابية مع روبيرتو والد صاحبه
ما الذي حصل لـ كريس؟
هذا السؤال الآن يتصدّر قائمة تساؤلاته وهو يتحدث مع روبيرتو الذي يسأله عن ابنه، وعما يحدث معه.. هو حاول طمأنته بشأنه وأن الأمور طبيعية في السيارة وإن لم تكن كذلك
روبيرتو: "إذًا اطلب منه أن يفتح هاتفه.. أريد الحديث معه قليلًا"
عض آليستر على شفته السفلية وهو ينظر خفية إلى هاتف كريس الذي يضعه في الفتحة وراء الذراع.. يعلم جيدًا أنه لو أخبر كريس أن والده يريد الحديث معه فهو لن يهتم وسـ يتجاهله
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...