كان بيت جدي في الريف أقرب للمنزل الصيفي في تصميمه، ولكن الأثاث كان مناسبًا للمعيشة فيه واستهلاكه الدائم، وما فيه من كماليات تعطي أجواء خريفية منعشة، وقريبًا سيتم تغييرها إلى كماليات وزينة شتوية
لا يتنازل جدي عن أي فرصة تجعله يعيش الأجواء الحالية على أكمل وجه؛ لذا تغيير الزينة مع تعاقب الفصول أمر حتمي يحصل كل ثلاثة أشهر مع شراء بعض الأغراض الجديدة واستبدالها بالقديمة أو التنويع بينها
بهذا يصبح المخزن عنده ممتلئًا بداية العام الجديد فيقضي الشتاء مع المدبّرة مارغريت وحارس البوابة بروك في جرد الأغراض وإبقاء ما يريده وتوزيع ما لا يرغب به أو حفظه في مكان آخر
وبالطبع يمكن تخيّل مزاجه وقت التنظيف، حتى أننا نتجنب زيارته للهو إلى أن ينتهي من المخزن، ولو زرناه فبالطبع لن يدعنا نجلس معه للحديث والخروج، بل لتحريك أيدينا والتنظيف معه.. هذا ما يحصل دائمًا
الشتاء من أجل مساعدته
عندما وصلت إلى البيت في وقتٍ متأخر أخبرتني مارغريت بأن جدي ذهب للنوم مسبقًا لعلمه بأنني سأصل متأخرًا؛ لذلك لم يكن موجودًا لاستقبالي
حتى مارغريت استقبلتني بثوب نومها.. لم يكن لدى أحدهم الطاقة لانتظار وصولي في وقتٍ متأخر ولم أفكر بالأمر كثيرًا، إذ أنه لم يكن يفصل بيني وبين موعد استيقاظ جدي سوى ثلاث ساعات تقريبًا قضيتهم في غرفتي أبحث عن حلول عديمة الفائدة لصداعي
وبعد استيقاظ جدي تناولنا طعام الإفطار معًا برفقة الأحاديث الجانبية التي شاركتنا إياها مارغريت، وما إن انتهينا ذهبنا لغرفة المعيشة، وهناك قمت بتشغيل جهاز الألعاب واخترت لعبة قتالية بحتة لألعبها
كنت أجلس على الأرض متكئًا بظهري على الطاولة وأمامي شاشة التلفاز التي أركّز عليها بينما جهاز التحكم الأسود في يدي، وعلى إحدى الأرائك السكرية خلفي كان يجلس جدي خارج نطاق بصري
أصوات المؤثرات الصادرة من اللعبة كانت خافتة ولكنها لم تفسد اندماجي بها إلا عندما تم كتم الصوت من جهاز التحكم الخاص بالتلفاز
أوقفت اللعبة ونظرت للوراء حيث وضع جدي الجهاز بجانبه وأسند رأسه على قبضة يده، عندما لاحظني أنظر إليه أشار إلى التلفاز: أكمل لعبك.. إنني أشاهد فقط
رمقته بشك ثم عدت لإكمال اللعب دون أن يؤثر علي إغلاق الصوت، ولا حتى سؤال جدي لي: ظننتك تكره هذا النوع من الألعاب، ما الذي تغيّر الآن؟
أجبته مقتضبًا بصوت منخفض عن المعتاد: قلوب الناس تتغير، وأطباعهم تتغير، واهتماماتهم تتغير، وأنتم جميعًا تغيرتم.. ما المشكلة إن تغيّرت أنا أيضًا؟ ألا يجوز ذلك؟
ابتسمت بخفة عندما وصلني صوته المستنكر من ردي: سألت سؤالًا واحدًا فقط فلماذا الإجابة توشك على التهامي!!
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...
