تنفّست الشمس لتوّها بـ نظرات الناس، ردّت أنفاسها بـ ضوء خافت ينتظر كل ثانية تزيده قوة ووهجًا.. محاولات تزعجها من السحب المُثقلة والسوداء تحاول كتم الأشعة وأنفاسها.. مقاومة وكفاح لا يتوقفان
كانت أضواء قصر آل ديفاريوس لا تزال مطفأة عندما وصلت ديانا إليه.. قاطنوا المنزل وأسياده غائبون عن نضال النور مع ضدّه.. بل ربما أخذوا جانب الظلام اقتناصًا لدقائق أطول يقضونها في النوم بلا إزعاج.. فقط بضعة خادمات كنّ مستيقظات لتوهن حتى يباشرن الترتيبات الصباحية قبل نزول العائلة وبدء يومهم
كانت ديانا شديدة الحذر والهدوء وهي في طريقها إلى غرفة ماكس، تخشى أن تتعرقل، تسقط وتتأذى بسبب الإضاءات غير الكافية والتي لا تساعدها على معرفة موطئ قدمها بـ شكل طبيعي
كان الممر الذي يضم باب غرفة ماكس أشد ظلامًا من بقية القصر.. حذر مضاعف، وخوف أكبر من الأذى.. يُفترض ذلك، إلا أن الطريق مستقيم لا انبعاجات أو انعطافات فيه.. تحفظ جيدًا المسافة التي تفصلها عن الباب، عدد الخطوات، إيقاعها مخزّن في عقلها
لم يكن باب غرفته مغلقًا بـ الكامل لذا كان الضوء يخرج من الشق الصغير للباب.. مستيقظ في وقت مبكّر للغاية رغم أنها عطلة، أو ربما واصل يومه إلى التالي.. فضّل السهر وحيدًا
أزاحت الباب عن طريقها بهدوء شديد خشية أن تُصدِر مفاصله صوتًا مزعجًا، رغم أن ذلك لن يحصل فدائمًا ما يتم تشحيمها والاعتناء بها
من مكانها أخذت مسحة سريعة على الغرفة التي لم يكن فيها جسم إنسان مستيقظ.. دخلتها واقتربت من السرير.. إنه نائم بـ عمق، مثل طائر صغير لا يجد الأمان إلا في عشّه، طفل لا يجد السعادة إلا في مخيّلته.. روحه تبحث الراحة في خفوت نورها
تملك الكثير من الانتقادات إزاء براءته وهو نائم، كما لو أنه ليس بذلك الفتى الوغد الذي لا ينفك لسانه عن قول كلمات لاذعة.. لا يكتمل يومه إلا بها، إن لم يفعل فـ هنالك خطب ما في روتينه اليومي، شيء ناقص يجعله يغادر مكانه ويبحث عن أي سبب حتى يتخلص من هذا الخطأ، أو يختلقه إن كان عالمه قد عقد هدنة دون موافقته ورفع راية السلام، يأخذها ويكسر ساريتها فـ تصبح أداة مناسبة للغرز والطعن
مع ذلك.. رؤيته مرتاحًا، غارقًا في سلامه مع نفسه، بعيدًا عن حروب خارج حدود كيانه هو كل ما تريده.. انتقاداتها تصبح تذمرات طفولية عندما تراه نائمًا هكذا وتتأمله.. فرصتها الوحيدة لتجلس معه دون أن تتعملق عجرفته فجأة وتخطو على كل شخص يقع في موطئ قدمها
فرصتها الوحيدة حتى تراه على طبيعته.. أما طبعه فـ لا زال ذلك صعبًا، وربما سيبقى كذلك
جثت عند سريره تأخذ نظرة أقرب لوجهه.. شاحب ليس باردًا، يفيض جسده دائمًا بالدفء، ظاهرة احتباس مشاعر لا تفارقه.. شعره الأسود شديد النعومة متناثر على وسادته، تزاحم أطراف غرّته أهدابه.. فكّه المقبوض دائمًا مرتخي.. يعيش النعيم في نومه
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...