كل شخص يمتلك ذكرى من وقت بعيد جديد.. إنها تلك تأتي بمثابة أول ذكرى على الإطلاق حيث لا شيء قبلها، ولكن الكثير يأتي بعدها
أول ذكرى لـ ماكس ليست مرتبطة بوقت ولادة شقيقه، ولا كيف كانا يقضيان يومهما في الحديث واللعب.. حتى أنه لا يتذكر أول يوم له في الروضة، ولا استقبال المدرسة الابتدائية له كـ طالب في الصف الأول
مهما غاص عميقًا لـ يبحث عن شيء أبعد من الذكرى الأولى ليسلبها مكانتها وتميّزها فإنه يُدفَع بعيدًا عن التوغل في الأعماق السوداء أكثر، لا يصل إلى قطعة أقدم من التي يتذكرها
أول ذكرى له وُلِدت في منزل عائلة والدته، ونوعًا ما يفهم القليل من السبب الذي أوصله لذلك البيت، ثم يتذكّر جيدًا الأحداث التي حصلت وقتها
بداية من سبب وجوده في منزل ديفاريوس فإن جدّه هاريس هو من أخذه مع والدته ونايت من بيتهم.. جاء في ظهيرة اليوم بعد عودته من المدرسة وبالكاد كانت والدته ونايت قد استيقظا من النوم.. ولسبب ما حلّت المفاجأة على والدته عندما رأت هاريس
دار بينها وبين جده جدال ما، سببه شيء ما انتهى بصعود أمه لغرفتهما وإخبارهما بأنهم سـ يذهبون معًا إلى بيت الجدّ هاريس، ومن المهم الإشارة إلى أنها كانت تقول ذلك بـ ضيق شديد وعدم رضا عن ذهابهم إلى هناك
ولكنهم على كل حال رافقوا جدّهم دون الاهتمام للضيق الواضح على وجهها، فقد كانت بالنسبة له زيارة لا تختلف عن السابقات
ذكراه الأولى تبدأ بشكلٍ واضح في غرفة نوم خالته ليليث والتي لم يكن موجودًا فيها حاليًا سوى والدته وأخيه.. ليليث غادرت الغرفة قبل ربع ساعة وعادت لتوها حتى تستكمل حديثها مع والدته
كان هو ونايت يجلسان على الأريكة ويشاهدان مسلسلًا كرتونيًا يُعرَض على قناة الأطفال ذات الصوت الصاخب التي غطّت على حديث والدته وخالته الجالستان بعيدًا على السرير
نايت مندمج تمامًا في المشاهدة، بينما هو غير مهتم بالأحداث فالمسلسل لم يكن يروقه منذ البداية؛ لذا بفضول كان يلقي النظر للوراء حتى يرى ما تفعله كورديليا مع ليليث، ولكن الحال نفسه دائمًا.. تتحدثان، وبصوت منخفض رغم أن الانفعال بادٍ على وجههما
ولا واحدة منهما أعارته هو ونايت اهتمامًا، مهما التفت إليهما بشكل واضح حتى يجذب نظرهما نحوه فإن ذلك يصبح بلا أي فائدة، وكأنه غير مرئي
نال الملل منه تمامًا وفكّر بالخروج إلى الحديقة، إلا أنه تردد في تنفيذ ذلك خشية أن يشعر هناك بالملل أكثر لوحده.. كان يشاور نفسه هل يجب عليه أن يتغلب على خوفه أو يبقى مكانه؟
وهو في خضم المشاورات تعلّقت عيناه بـ باب الغرفة الذي فُتِح قليلًا بما يكفي للسماح بالنظر من خلاله، و دخول يد صغيرة أشارت له بأن يأتي بسرعة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...