مضى يومي وجاء التالي، وبطريقة ما استطعتُ التعايش مع ألم كتفي رغم تسرّبه إلى ظهري.. بدأتُ صباحي وحيدًا في المنزل يتخلّله سطور قصيرة تبادلتها مع العاملين عما أريده أن يحصل اليوم
ثم ذهبتُ إلى المدرسة وجلستُ في مقعدي أراقب دخول الطلاب إلى الفصل حتى بدأ عددنا يكتمل.. بشكل عام فلا شيء تغيّر سوى إحساس الألم
هذا ما ظننته واطمأننتُ إليه إلى أن رأيتُ آندريه يدخل إلى الفصل مُعلنًا وصوله، وكأن شخصًا ما جاء وبغتة قبض على رقبتي بقوة
أجبرتُ نفسي على ابتلاع ريقي حتى أتجاوز هذا الاختناق عندما وقف في منتصف طريقه لينظر إليّ، وبعدها قرّر السير اتجاهي
لم أفكّر في تفاصيل ما حدث في الأمس بيننا كثيرًا.. لا أعلم إن كان الألم هو السبب، أم أن آيريس وكارسيل قد سيطروا على مساحة كبيرة من عقلي
أيًا كان السبب، فالنتيجة واحدة.. لقد نسيتُ تمامًا آندريه، والحديث الذي دار بينه وبين آيريس، والطريقة التي تدخّلت بها وهو في غمرة انفعاله، تصرّفه الطائش الذي شَهِده شخصان آخران
وأخيرًا.. النقطة الأكثر أهمية والتي لم أناقشها مع الشخص المطلوب مطلقًا! ما فعله ماكس به بعدما رأى ضربه لي..!
المسافة التي يقطعها آندريه حتى يصل إليّ كانت قصيرة، لا تأخذ منه حتى خمسة ثواني مع خطواته المتسعة والمتناسقة بالانفعال الذي يغزو وجهه
ولكن هذه الثواني كانت أكثر من كافية حتى يستنفر عقلي ويهطل عليّ بكلّ الأفكار التي سيتحدّث بها معي، وكلّ السيناريوهات المتوقعة لكلامنا...
ولكنّ أكثر ما يخيفني، وأشعر بأنه زاد من غضب آندريه رغم أنني حاولتُ تهدئته من قبل هو الجزء المتعلّق بتدخل ماكس!
هل كان عليه أن يصفعه؟!
بل ومرّتين؟!
في جزء من الثانية اقتنعتُ أن أخي قد بالغ في ردة فعله حقًا..
لقد تصرّف بناء على رؤية ضرب آندريه لي دون أن يعرف التفاصيل، وأنا لم أشرح شيئًا بعد ذلك...
الغريب أن ماكس لم يسأل أيضًا!
أسقط آندريه حقيبته على الأرض إلى جانب حقيبتي، ثم جلس على منضدتي وانحنى نحوي قليلًا ليقول بابتسامة مائلة: إذًا.. هل أصبحتَ بخير؟
أخذتُ نظرة شاملة سريعة عن الوضع حولنا، ويبدو أننا لم نلفت الكثير من الانتباه برؤية أن آندريه قد أصبح محطّ أعين الكثيرين منذ فترة
توتّرتُ قليلًا من سؤاله، لا أستطيع التفكير بدون إساءة التوقع لما سيأتي بعد هذا، مع ذلك أحاول أن آخذ الأمور بظاهرها، فرددتُ ابتسامته بواحدة فاترة لتساعدني على القول: حسنًا.. أجل، ليس بالأمر الجلل...
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...