54 حُلم

1.4K 134 770
                                    

أقرب غرفة في منطقة وقوف جيوفاني هي التي اتجه إليها مع آليستر.. غرفة صغيرة تردّ جدرانها حديثهما وتحبسه عن أي أذن يمكن أن توجد في المساحات الواسعة

عندما دخلها آليستر استوقفته منحوتة شمعية لرأس أسد مفتوح الفم وأنيابه بارزة كانت موضوعة على سطح خزانة إلى جانب بعض التحف الكمالية

تحديقه فيها لم يطل.. كانت ثواني قليلة جدًا انتهى عدّها مع سماعه صوت طقطقة إغلاق الباب في هدوء شديد جعله يلتفت نحوه، فأعين جيوفاني التي كانت تثور غضبًا في الخارج معاكسة لهذا الوضع المستتب

مستتب ظاهريًا فقط.. فـ حتى أغلق جيوفاني باب هذه الغرفة الصغيرة كان حابسًا غضبه، غالبه وليس كلّه.. بعد ذلك يصبح سخطه حرًا فيما يفعله

كان قد اندفع نحو آليستر مع تدفّق مشاعره الثائرة ويده امتدّت تبتغي إمساكه لو لم يتراجع آليستر خطوة للوراء عندما كادت أصابع جيوفاني تصل إليه.. منعه من ملامسته وقد قوّس شفتيه قليلًا وهو يقول: على مهلك.. لا أريد شجارًا معك بل حديثًا؛ لذا هدّئ أعصابك حتى ينتهي الأمر سريعًا بيننا بما أن كلانا لا يطيق الآخر

قبض جيوفاني أصابع يده التي فوّتت آليستر وأنزلها، اقترب منها أكثر وغضبه لا يريد الاتفاق مع هدوئه.. غضبه المسيطر وبالتالي يريد جيوفاني أن يكون هو المسيطر على موقفه مع آليستر الذي يبدو غير مبالٍ به

نظر بثبات في عينيّ آليستر.. ذات لون أخضر هادئ لا يتعكّر صفاؤهما مهما كان الحال، وذلك ينعكس بشكل واضح عليه بثباته وضبطه لنفسه حتى يُخيّل لمن يراه أن لا شعور يراوده ما دام لا يُبدِي أي تأثّر

هذا الإحساس المنعدم هو حطب شخصٍ منفعل كـ جيوفاني ويكاد يرتكب جريمة لو لم تحميه أخلاقياته من القيام بها.. استطاع التحكم بنبرة صوته ليجعلها منخفضة عند قوله: أ تعلم شيئًا.. أنت تتحدّث بما هو خطير حقًا

ابتسم آليستر بسخرية: في المقام الأول فعلك هو الأخطر، ما كنتُ لأتحدّث لو لم تفعل شيئًا كهذا

- وما الذي يهمّك في شؤوننا أنا وآستيرا؟ هل كانت على تواصل معك كل هذا الوقت؟ وأنا الذي ظننت أن علاقاتنا بكم قد انقطعت منذ سنوات ولا نتذكّر بعضنا إلا بعد فترة طويلة من أجل أن يرى ماكس والده.. أصبح ظهور كريستوفر وطلبه لابنه مفهومًا الآن.. لا بد أنكم كنتم تقابلون بعضكم دون علمنا

- لستَ بـ حاجة لإضاعة وقتك وجهدك بالتفكير في أمور بعيدة عن إدراكك فهي ليست مفيدة.. يجب أن تفكّر في نفسك أولًا وتقلق عليها

- لم أفهم بعد لماذا أنت مهتمٌ أصلًا بأمري أنا وآستيرا

- لدي أسبابي... هل تشعر بالفضول لمعرفتها؟

أخذ جيوفاني جانب الصمت وارتيابه قد نما اتجاه آليستر وابتعاد آستيرا عنه منذ شهور طويلة.. هي حتى لم تعد تقابله إلا من أجل الحديث معه فيما يخصّ ماكس وما سيفعلونه به، وثم نهاية هذا الحديث لا نتيجة له.. تتركه فارغ الأيدي وكأن الوضع لا يختلف عن عدم التقائه بها

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن