14 طلب

1.5K 154 859
                                    

بحقيبتي التي أصبحت خفيفة الثقل علي اتجهت إلى فصلي أمشي في الرواق الطويل على مهلي بعد أن أخذت جولة المشي الصباحية المعتادة في باحة المدرسة الخلفية حيث كان المكان هناك أكثر هدوءًا من الممرات، فلا أحد يشاركني المشي ولا أشاركهم الأصوات من بداية اليوم كما هو الحال هنا

عندما اقتربت من الفصل رأيت ميو تخرج منه وتبدو كأنها تحادث شخصًا ما داخله أو تودّعه، فقد ابتعدت عن الباب دون الوقوف عنده لوقت طويل وكادت تمشي في اتجاهي، لولا أن ترابط أعيننا ببعضها قد أوقفها

تراجعت معها للوراء لنقف حيث وقفنا المرة السابقة التي صادفتني فيها وتحدّثت معي عن كارلا وكاميل.. سألتها وأنا انظر لباب الفصل المفتوح أمامي: هل أتيتِ من أجل صديقك مرة أخرى؟

أعادت يديها وراء ظهرها وأجابت باختصار: أجل

تحسست بأناملي عقدة ربطة العنق التي لم تكن مشدودة لنهايتها، ثم خبطتها بسبابتي مرتين قبل أن أقول بنبرة منخفضة عن العادة بقليل: إذًا عرّفيني عليه في المرة المقبلة التي تأتين فيها لرؤيته

استرقت النظر إليها ولم أمنع نفسي من إظهار ابتسامة خفيفة بعد رؤيتها تحدّق بي بعدم فهم تحوّل إلى شك وحذر: ولماذا سأفعل ذلك؟

ولم أجد لسؤالها جوابًا غير إغاظتها وجعلها تقطّب حاجبيها إنزعاجًا مني كما جرت العادة: بالطبع حتى أُفسِد علاقتكما!!

ولم تخيّب ميو ظني مطلقًا، فقد انعقد جبينها في تقطيبة صغيرة واحتدت عيناها قليلًا كما صوتها: هل أنت معتاد على إفساد كل شيء لا يروقك أو يُعاكس حالتك؟

بالطبع أنا أفكر في الإفساد من وقت لآخر، ولكن لم أترجم هذه الأفكار إلى أفعال برغبتي الخاصة سابقًا، فتجاهلت الشق الأول من سؤالها لأن قناعاتها بي لن تتغير سريعًا واتجهت للاستفسار عن الشق الثاني منه: يُعَاكس حالتي؟

انفرجت عقدة جبينها وعادت ملامحها إلى طبيعتها دون وجود أي سبب واضح سوى أنها بدت تتذكر شيئًا ما وأفصحت لي عنه: هل ظننت حقًا أنني لا أعرف شخصًا غيرك في هذه المدرسة؟

صحيح.. أتذكر أنني في اليوم الأول لنا في المدرسة قلت لها شيئًا يشبه هذا الكلام على سبيل الاستفزاز فقط: رأيتك وحيدة في اليوم الأول، ثم أليس هذا طبيعيًا فأنتِ طالبة بشخصية عنيفة جاءت من أمستردام؟

ابتسامتها المريبة التي اتسعت وهي ترمقني بطرف عينها جعلتني أدرك بأنها لا تريد جوابًا مني، بل رد إغاظتي لها سريعًا: ألا ترى أنك الشخص الوحيد وليس أنا؟ ستة طلّاب جاؤوا من رويال فورست وأنت سابعهم ومع ذلك لم أراك إلا وأنت تتجول كـ شبح وحيد في مرافق مدرسة!!

ثم أبعدت سريعًا هذه النبرة المستفزة عنها وعادت لتسأل بصوتها الطبيعي: ولكن حقًا الأمر غريب.. من المستحيل أنك لا تعرفهم وقد درست معهم ثلاث سنوات كاملة!!

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن