8 ليلة مُقمِرة

1.9K 170 794
                                    

الفراغ قاتل.. عدم وجود الرغبة في فعل شيء، بل عدم وجود شيء من الأساس يطوقني.. لا أجد لنفسي حلًا سوى التكوم أسفل البطانية الثقيلة وإغماض عيناي لعلّي أستطيع النوم حتى يحين موعد لقائي بـ سيلينا باركر

لم أنم إلا بعد شروق الشمس واستيقظت منتصف الظهيرة، تناولت الغداء مع أبي.. لوحدنا، فقد عاد جدي لمنزله مساء الأمس

تمامًا مثل الأمس، شعور ثقيل يقبض علي لوجودي معه في ذات المكان، لست معتادًا على هكذا إحساس ولكن يبدو أن مشاعري ليست بتحكمي كما لم تصفى من موقف الأمس مهما أجبرت نفسي على محاولة تخطيه..

عدت بعدها للغرفة واختبأت في سريري.. الجو بارد وسيراميك الأرضية يزيد الجو برودة، أطرافي متجمدة حتى وأنا أسفل البطانية.. كان من الصعب أن أحظى بنومة مريحة بجسدي البارد رغم ارتدائي لملابس ثقيلة مناسبة للأجواء

الوضع ممل.. لا يطاق.. لا أعلم حتى كيف مرّت سنين عمري في هذا المنزل حيث لا أحد يجلس فيه من أهله دون أن أصاب بالجنون.. فارغ تمامًا

لقد كافحت كثيرًا على ما يبدو حتى أصل لهذا اليوم...

ليت جدي خفف من مزاجيته قليلًا في الأمس ليقضي عطلة الأسبوع هنا.. على الأقل ذلك سيجعل الوقت أخف وإن لم يجلس معي، ولكن يكفي وجود حس شخص ما في البيت بعد أن غادر أبي لعمل ما

كل شيء رتيب.. عكس الأيام السابقة.. صحيح أنني ناقم على كل ما حصل لي، ولكن يبقى أنني عشت مع بشر طبيعيين، عائلة عادية، وأشخاص لا يتوقفون عن الحديث ما إن يجتمعوا.. حياة

تلك الليلة التي أعدت فيها ميو الطعام لكلينا لم تفارق بالي منذ استيقظت، الأحاديث العفوية التي دارت بيننا واستطعت من خلالها أن أتقبلها كشخص طبيعي.. كفتاة عادية تضحك بصخب تارة، وتبتسم بلطف تارة أخرى

شتّان ما بين وجبة تلك الليلة ووجبة اليوم.. لا يمكن مقارنتهما ببعض...

من المؤسف أن ميو لم تبقى على حالتها الوديعة، بل عادت لكونها فتاة بغيضة لا تُحتمل.. معتوهة ووقحة لا تحترم أحدًا.. أو لنقل أنها لا تحترمني بما أنني لم أرى تعاملها مع الناس الآخرين

لا أزال لا أفهم حتى الآن، لماذا كانت تتصرف بهذه الطريقة معي؟ سؤال لا أستطيع منع نفسي من طرحه بلا توقف

ليس من المعقول أن يكون كل ذلك النبذ والكره سببه استقبال الزوجين رينيه لي!! إلا إن كانت فتاة تافهة وسخيفة

غير مفهومة مطلقًا..

قرأت في كثير من الكتب أن فهم النساء، مشاعرهم، أفكارهم مهمة مستحيلة، حتى بالنسبة لأنفسهن.. أي نوع من الكائنات الحية يكن؟!

ولا أفهم لماذا نستمر في التورط معهن بكل رحابة وسعة صدر مع علمنا بمدى تعقيدهن، وجنونهن.. نتذمر منهن ولكن لا ننفك عن العودة إليهن

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن