في الصباح الباكر حيث الشمس حاولت اختراق الغيوم الرمادية لتُلقي بحزم ضوئها على الأرض وتخترق النوافذ لتعلِن بدء يوم جديد من حياة القاطنين وراءها
كان الضوء يمرّ من خلال القبة الزجاجية المرتفعة لمنزل آل ديفاريوس مُنيرًا أرجاءه المفتوحة على بعضها لتُظهِر المساحة الكبيرة للبيت
نزل ماكس السلّم وهو يقوم بتمسيد عنقه الذي ينبض ألمًا بسبب نومه بطريقة خاطئة.. على ما يبدو أنه بالغ في النوم على جهة واحدة حتى تأذت رقبته
أنزل يده عنها عندما رأى خادمة قد وقفت في منتصف الدرج وانحنت له: صباح الخير سيدي
تجاهل تحيّتها وأكمل نزول السلّم.. لا يسمعها ولا يراها، وبالطبع تصرفه هذا متعمّد، وكل من في المنزل اعتاد عليه هكذا ولم يعودوا يتوقعون منه ردًا ما لم يكن هو الذي يبدأ الحديث معهم، ولسبب فقط
- كنت متوجهة إلى غرفتك سيدي
أوقفته بإعطائه هذا الخبر.. كانت بمحاذاته تمامًا والتفت إليها قليلًا دون أن يواجهها بكامله: ما الأمر؟
- لقد طلب مني السيد جيمس أن أناديك لغرفة الجلوس
منذ بداية الصباح.. لا بد أنه في مزاج يجعله رغابًا بممارسة هوايته في إفساد يومه دون أن يكون لديه صبر لينتظر حتى تنتصف الشمس السماء على الأقل
تابع مشيه إلى غرفة الجلوس التي عادة ما يجلس فيها أخوه جيمس كلما جاء إلى لايدن.. ليت هذا الرجل بقي مدفونًا مع زوجته في أمستردام، إذ يكفيه جيوفاني حقًا حتى يمنع عنه العيش بشكل طبيعي ليوم واحد
دخل إلى غرفة الجلوس ورفع حاجبه دون أن يثير انتباه أحد عندما لم يرى جيمس الجالس على أريكة منفردة لوحده، بل كانت زوجته آستيرا تجلس على واحدة طويلة تحتسي من كوب أبيض مشروبًا ساخنًا، وبالطبع جيوفاني موجود حتى تكتمل العصابة ويقف عند النافذة معطيًا ظهره لمجلسهم
اتجه إلى أريكة أخرى مفردة كانت الأقرب لمكان جلوس آستيرا، ولم يمنع الاستهزاء من الظهور على صوته عندما قال: اجتماع مغلق بين الإخوة؟
ارتاح في جلوسه على الأريكة بينما رد عليه جيوفاني دون أن يستدير بصوته الثقيل: نتوقع أن تسير الأمور بسلاسة ولكن بداية حديثك معنا غير مبشّرة ماكسميليان
رمقه بطرف عينه ثم قال بهدوء: هذه هي طريقتي حديثي التي لم تتغير، من المفترض أنكم اعتدتم عليها بالفعل
جيوفاني: لا أحد يعتاد على قلة التهذيب والاحترام
وضعت آستيرا كوبها على الطاولة التي تنتصف جلستهم وقالت: مضت سنوات كثيرة وأنت تحاول تقويم سلوكه مع العم هاريس دون فائدة جيوفاني
التفت إليهم جيوفاني أخيرًا ومشى من وراء أريكة ماكس الذي كانت عيناه ذابلتان بدون اكتراث وهو يسمع رد جيوفاني عليها: ذيل الكلب يبقى أعوجًا...
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...
