46 شخص واحد

1.2K 130 553
                                    

المكان بجانبي فارغ منذ الأمس، ولا أعلم إلى متى سيبقى هكذا حتى يعود صاحبه إليه...

أوقاتي كانت زاخرة حقًا بوجود شيون فيها.. غيابه ليومين فقط كان كفيلًا ليجعلني أكتشف أنه كان بمثابة المُرشِد لي في هذا المجتمع المدرسي.. كان قادرًا على عبور الحواجز للإمساك بي وجعلي أستشعر هذا المجتمع وأعيش فيه دون الإحساس بالاختلاف عن بقية أفراده

يبدو الأمر غريبًا عندما أتواصل مع هذا المجتمع دون وجوده في المنتصف.. متى أصبحت معتادًا عليه إلى هذا الحد؟

عمليًا فأنا أقضي وقتي مع شيون كثيرًا، وإن كان مشغولًا فإنني أذهب إلى ماكس.. العكس يحصل أيضًا، أقضي الوقت مع ماكس وفي حال انشغاله بمهامّه فإنني أذهب إلى جانب شيون.. حياتي المدرسية متمحورة حولهما بلا أي شك

ثم البقاء وحدي ليس غريبًا.. يبدو الأمر وكأن حياتي السلمية التي أردت أن أعيشها في المدرسة تتحقق في أوقات كهذه عندما لا يوجد أيًا منهما.. علاقات سطحية ولكنها جيدة دون أي مشاكل

أو هذا ما ظننته.. الجزء الأول صحيح بلا شك، علاقتي مع مجموعتي لا تتعدى حدود الدراسة والاهتمامات المشتركة، ويحصل ذلك داخل الفصل أو المبنى في بعض الأحيان.. خارج الجدران هي ليست كذلك

الجزء الثاني مختلف تمامًا عما أردته.. ليس بعد معرفتي أن أحد أفراد مجموعتي كان يدرس معي في دومينيك وود ويحمل ضدي نوعًا من الأحقاد التي أجهل -برغبتي التامة- أسبابها...

حياتي في المدرسة الإعدادية قد رميتها خلف ظهري لأني أعرف أنها لم تكن جيدة.. الطريق إلى رويال فورست التي بدأت أداوم فيها في سنتي الثالثة كانت دائمًا تمرّ بجانب مدرسة دومينيك وود

خمسة أيام في الأسبوع، ذهابًا وعودة.. إما أنني كنت سجينًا والمرور منها هي عقوبتي، أو أنني حصلتُ على العفو ولكن الذنب لم يُمحى بعد!

حياتي في أمستردام كانت جحيمًا.. كنت حقًا بمثابة كائن فضائي سقط على الأرض فجأة!

أي شيء بمقدوره أن يُخرجني من هذه المدينة سأفعله دون تردد.. هذا ما جعلني أسجّل في نظام التبادل والذي رفض أبي أن يرسلني من خلاله إلى لايدن.. رغم أنه لم يبدو مهتمًا بي ولكن فجأة ظهر اهتمامه نحوي وصار عقبة في طريق هروبي...

على أي حال تجاوزته وأتيت إلى هنا.. لايدن

نايت فينيارد طالب التبادل.. هذه الحياة التي أريدها ولا زلت، ومن أجلها رفضت مرارًا محاولات جدّي في أن يخبرني بتفاصيل حياتي العائلية على الأقل

لا أريد أمي، ولا أريد أبي.. أي شيء يذكّرني ويربطني بتلك الزنزانة ويحرمني هِبة فقداني الذاكرة، فأنا لا أريده.. أستغني عنه تمامًا

ينتابني الشك، ينتابني الفضول.. أحتاج أن أعرف، وأفهم.. لا يمكنني حساب عدد المرات التي عانيت وبكيت فيها بسبب شكوكي اتجاه نفسي، وكدت أتراجع عن قرار الجهل كما حصل يوم معرفتي برغبة أمي في أخذي من أبي، ولكنني أتراجع.. لا أحتاج مخاوف جديدة

رأيتُ حلمًا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن