عشرة أيام قد مضت على وفاة كاتلين، أخذ خلالها الحزن مقاليد الحكم على كل شخص عرفها، وكان أشد وقعًا على من أعزّها.. فقدانها فجأة كان فاجعة لم تفارقهم منذ تلقوا الخبر
تبدل الحال قد يأخذ وقتًا طويلًا، ولكن من الممكن أن يحصل سريعًا.
الفكرة هذه قد تكون محببة للنفس عندما ينتقل الحال من السيء إلى الجيد، ومن جانب آخر فهو مخيف عندما يصبح العكس
الهواجس لم تفارق كورديليا منذ ليلتها، فقد كانت هي وكريس مع كاتلين في صبيحة يوم موتها.. كل شيء كان كما ينبغي له أن يكون.. الجميع يعيشون في هذه الحياة دون المرور بلحظة فقدان
ومحطات الفقدان وإن كانت بمختلف مواقفها معدودة إلا أن توقع وقت حدوثها أمر مستحيل.. لا يسع أحدًا الاستعداد لها، تأتي بغتة وتُبعِد عنا الأشخاص العزيزين على قلوبنا، تفترق طُرُقنا في هذه الحياة
وأعظم وأصعب موقف قد نعيشه عندما نُفارق شخصًا نحبه هو الموت..
كلّ فراق يمكن احتماله، عداه..
كلّ انتظار يمكن الصبر عليه، عداه..
كلّ صدمة يمكننا تخطيها بطريقة ما، عداه..
إن لم يكن الموت هو السبب فإننا سنفارق شخصًا يمكن تعويضه، يمكن انتظار عودته في يومٍ ما، ويمكن معالجة صدماته وتطييب جروحه.. طالما نحن على قيد الحياة
هذا كلّه ينتفي عندما يموت شخصٌ نحبّه، أثره لن يختفي من حياتنا وإن عدنا للسير على السكة بعد أن فرغنا من محطة الفقدان
بالنسبة لـ كورديليا التي لم تمرّ بتجارب فقدان شخص قريب لها كانت وفاة كاتلين هي مرّتها الأولى بعد والدتها، خاضت مشاعر وأفكار خطرت لها للمرة الأولى ولا يمكن أن تصوغها في جمل مترابطة حتى لنفسها
خبر موت شخص لا يمكن أن يُقَال أنه شيء اعتيادي.. كانت تصلها أخبار وفيّات من معارفهم.. تحزن قليلًا وتتأثر، ثم سرعان ما يتلاشى ذلك وتستمر حياتها التي ضاعت منها دقيقة واحدة في الحزن والأسى
ولكن أن تكون في قلب الموقف هو شيء رهيب، وما يجعله مُفجعًا أكثر أنها كانت مع كاتلين ولم تفكّر مطلقًا أن حياتها لم يتبقى منها سوى ساعات معدودة
الموت لا نكتبه بداية كل يوم في قائمة أعمالنا اليومية.. نحن نخطط لليوم والغد والأسبوع وما هو أكثر من ذلك، ولا نُدرِك خلال رحلة التخطيط هذه أننا قد نتركها مقطوعة السبل وغير مُنجَزة لأننا سـ نموت في أي لحظة
وهذا بالضبط ما حصل مع كاتلين.. لقد تحدثوا معًا عن العام القادم وأكّدت أنها لن تتطوع لأختها الأخرى أن ترافق ابنتها في يومها الأول
وهي بالفعل لن ترافقها، الطلب منها لم يعد ممكنًا...
لقد كانت كاتلين صغيرة في السن، بالكاد تجاوزت الثلاثين من عمرها حيثُ سـ يقول الناس لها أن الحياة طويلة أمامها لـ تعيشها، ولكنها كانت قصيرة للغاية، وبدون إنذار ألقى الموت القبض عليها
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...