أيام الربيع الزاهية ولياليه الفاتنة استمرّت في العبور بلا توقف، تدور مرة تلو الأخرى بلا توقف، وكل جولة تنتهي منها تأخذ شكلًا ومسارًا مختلفًا عن السابق لها.. كل يوم يمرّ يتميّز بنفسه ولو في لحظات بسيطة، وبعض الليالي تصبح استثنائية أكثر من غيرها
ومع زيارات الشمس المستمرة لسماء لايدن فإنها كانت تزداد حرارة، محاولة في جعل الناس يعتادون على نهار الصيف الطويل قبل دخوله
كان الليل أفضل.. معتدل وأبرد من الظهيرة، هواؤه وإن كان مشبّعًا بالرطوبة فإنه يصبح منعشًا مع انحفاض درجات الحرارة قليلًا
ليلة أخرى من ليالي الربيع في حياة كريستوفر التي جعلتها إليانور برفقة آليستر مميزة بأخذه إلى حفلة تجمّع جديدة.. كم صار عددها؟ لقد نسي بالفعل ولم يعد يهتم أصلًا بعدّها من كثرة ما حضر بـ حجة "صناعة الذكريات قبل مغادرة مقاعد الدراسة" والتي لن تكون إلا في نهاية العام الدراسي القادم بالنسبة لإليانور.. لا يشعر بأنها أصبحت حجة نافعة من الأساس ولكنه يذهب برفقتهما على أي حال
بالطبع دون أي مساومات بينهما كما حصل في المرة الأولى قبل بضعة أسابيع، فقد اكتفى بشرائها الغيتار له ولو أنها انهارت نفسيًا بسبب إحداثه لصدع عميق في ميزانيتها المالية الشهرية
ظلّت تتذمر وتشتكي منه ومما فعله بها لوالدته عندما عادا من المتجر فأجبرته بذلك على الإفصاح عن تعويضه لها والذي قرره مع نفسه في ذات اليوم الذي وافقت فيه على شراء الغيتار له.. أرادها أن تكفّ عن الثرثرة في الموضوع كثيرًا لأمه وأبيه، وانتهى بها الأمر تفسد على نفسها ما أعدّه لأجلها
هل اكتفت بذلك؟ لا بالطبع.. صحيح أنها قد توقفت عن التذمر سريعًا، ولكنها صارت تريد استغلال الوضع وتشتكي منه كالأطفال لإبقائه لها في حالة تقشّف طالت أسبوعين من أجل الغيتار الأسطوري إن حاول إبداء الرفض على دعواتها له لحفلاتها؛ لذا كان يوافق ليخرسها ويرتاح من إلحاحها قبل أن يبدأ
ولو أنه من الأساس لم يكن ينوي رفض حضور بقية الحفلات والتجمعات الليلية.. فعل ذلك المرة الأولى فقط من أجل الحصول على الغيتار
لماذا فعل ذلك بها من الأساس رغم أنه كان بمقدوره شراؤه من مدخراته؟ هو نفسه لا يعلم.. ربما أراد أن يجرّب شعور الاستغلاليين بعد حصولهم على ما رغبوا به.. ليس متأكدًا...
في وقت متأخر جدًا من الليل غادر كريس وآليستر المطعم الذي احتضن بين جدرانه تجمّعهم وزواياه قد كدّست صخبهم وبدّدته.. إليانور كانت خلفهما توازن جسدها بإسناد يدها على إيطار الباب، تحملق في العتبتين اللتين تفصلها عن الرصيف والتي تراهما حاليًا ست عتبات كل واحدة منها في جهة
ثلاثتهم آخر المغادرين من المطعم بفضل ليا التي ظلّت تحتسي الشراب حتى أفرغت لوحدها بضعة قناني وهما يشاهدانها فحسب؛ لأنهما يئسا من محاولات منع الشرب عنها أكثر مما فعلت الليلة.. النهاية واضحة، امرأة ثملة تكاد تفقد وعيها مع شابّين يرفضان مساعدتها أو حملها إلى السيارة
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...