إن جدي شخص طيب القلب، ولا يغضب أو يقسو عليّ، وإن فعل فلا يطول ذلك ويرضى بسرعة.. بالرغم من علمي بكلّ ذلك إلا أنني أكره فكرة أن أكون سببًا في غضبه
معرفتي بهذا لا تجعلني متساهلًا في إغضابه أبدًا، فالأمر يبدو لي استغلالًا لطبعه المتسامح معي، ومجرد التفكير بفعل ذلك تشعرني بأنني شخصٌ لا يبالي سوى بنفسه
صحيح أنني أتّصف بالأنانية، إلا أن الأمر يختلف عندما يكون من أحبّه حقًا في مواجهة مع هذه الأنانية.. يمكنني التنازل على الفور عن موقعي
وهذا ما سأفعله من أجل الحصول على رضاه الآن، ولأُبعِد نظرة الغضب التي لم تتزحزح عن عينيه مع أنه كان يتجاهلني طوال جلوسنا حول الطاولة لشرب الشاي
لقد كان يكبح نفسه كل هذا الوقت أمام ماكس ولوغان ومارغريت، وثلاثتهم استشعروا منذ البداية أنه يتمالك أعصابه، وهذا ما جعلهم يغادرون المكان فور أن انتهوا من شرب الشاي
ولكلّ واحد منهم حجّته...
هكذا أصبح مُنفردًا بي، ومكشوفًا أمامه بجلوسي مقابلًا له.. لم أُعطِي نفسي الجرأة لأرفع عيناي له، إنني أستشعر خطئي بالفعل وأجدني بلا إرادة مني مطأطأ الرأس
قضمتُ شفتي السفلية عندما سألني أخيرًا: أخبرني نايت ما هي المشكلة معك منذ بدأتَ هذا العام الدراسي؟ كلّ ما يحصل غير طبيعي، أكاد لا أعرفك!!
ليس كلّ عتاب سيء، فهو لا يأتي إلا والثقة تكون موجودة وراءه، ولعلّ هذا يعطيني أملًا بأن ثقته بي لا تزال موجودة ولا يريد أن يُصاب بالخذلان
أردتُ التأكد من هذا أكثر من أي شيء آخر في هذه اللحظة بالذات: اعتقدتُ بأنّ لا أحد منكم بات يعرفني بعد ما حصل في دومينيك وود، أليس هذا لن يجعل كلّ ما يحدث لي الآن بأمرٍ غريب عليكم؟
هاجمني بتساؤله مستنكرًا: هل تفكيرك بهذه الطريقة سَمَحَ لك أن تتصرف كيفما شئت ودون أن تبالي بأي عواقب تقع على رأسك ورأس غيرك؟
فأسرعت لأجيبه مُدافعًا عن نفسي من أي سوء فهم: على الإطلاق!! الأمر ليس هكذا أبدًا!!
تركَ لي مساحة كافية من الصمت حتى أشرح له نفسي: لقد ظننتُ فقط أنكم فقدتم الثقة بي بعد تلك الحادثة، في ذلك الوقت كنتُ في وضع أنا نفسي لا أدري فيه ما الحقيقة حتى أخبركم بها.. في ذلك الوقت لم أكن قادرًا على الثقة بروحي أصلًا، وإلى الآن لم يتحدّث أحدكم بهذا الشأن معي.. أشعر كما لو أنكم بفضل ما حدث حصلتم على الطريقة المثلى للتعامل مع شخص لا يستحق أي ثقة
- ألم تفكّر مطلقًا بأن عدم حديث أحد عن الأمر هذه الفترة سببه أننا نعرف حقيقة ما حدث؟ ثم كم مضى منذ استعدتَ ذاكرتك؟ وكم شيئًا مررنا به خلال هذه المدة؟ لم يكن هنالك وقتٌ مناسب حتى لوالدك ليتحدّث فيه معك عن شيء حصل وانتهى.. سمعت؟ انتهى!
أنت تقرأ
رأيتُ حلمًا...
Romanceكنت أعيش حلمًا.. عرفت جزءًا من حقيقته ولكنني تظاهرت بالجهل.. أردت المضيّ قُدمًا فيه وكأنه الطريق الوحيد الذي علي أن أخوضه لقد كان حلمًا هشًا للغاية لم يتحمل ثُقل ذنبي الذي تركته خلفي بلا مبالاة، وتلك الصورة الزجاجية التي سعيت للحفاظ عليها بخوف تكسّ...