وقفت عاريةً أمام المرآة الطويلة في الغرفة بعد أن استحمت.. كان جسمها مبللا وشعرها يقطر ماءً، ووخز البرد يحفر جلدها كل لحظة، لم تهتم. كانت مشغولةً بتأمل جسمها بتفكير عميق..
فكرَت.. لقد قلت الآثار كثيرًا بالفعل بعد العملية التي طلب منها مديرها إجراءها حين هربت.. ولكنها لم تختف كليا.. فهاهو اسمه اللعين مطبوع على ظهرها ليحفظ لها ذكرى أيام من أفظع أيام حياتها.. تلك الأيام التي فقدت عقلها بعدها لدرجة أنها هربت لتترك ابنها وحيدا.
تأملت من جديد.. فخذها المقطّع بسبب جروح المرة الأخيرة، بعض الآثار باقية على ظهرها بعد تاريخ طويل من الأذى بمختلف الأدوات والطرق، الحرق على كفها، وآثار الزجاج الأخيرة عليه كذلك، آثار متفرقة مستديمة أخرى مثل حرق سيجارة صغير على ذراعها، بقع زرقاء على عضدها، زفرت، على الأقل هذه الكدمات ستختفي، وليست كالبقية.
تساءلت إن كان محقا، إن كان عليها أن تجري العملية وتتخلص من هذه الأشياء المقززة. فهي ليست إلا تذكارات تركها يوسف على جسمها لتحفظ دائما أنه أقوى منها، وأنه سيسيطر عليها طيلة حياتها من خلال الألم.
ابتعدت عن المرآة منزعجة ووضعت عليها ملابسها، كان عليها أن تباشر العمل، فقد تأخرت.
لقد قررت أن تعمل من المنزل، ولهذا وضعت عليها ملابس خفيفة، وخططت أن تعد كوب شاي قبل أن تبدأ العمل، لعلها تسترخي.
خرجت إلى الصالة، قطبت حاجبيها حين رأت إبريق الشاي، وكوبها، اللذين تستعملهما عادةً، موضوعين على الطاولة حيث تترك حاسبها المحمول الذي تستخدمه للعمل.
لمست إبريق الشاي لتسحب يدها مباشرة، إنه ساخن! لقد أعد يوسف هذا لها.
جلست وهي تحس بشيء من التشتت لأنها لم تعرف ماهو الشعور الذي يفترض أن تمنحها إياه مبادرات كهذه، لقد تنبأ يوسف بتفكيرها، لقد عرف ماذا ستشرب، ومتى، إنه يعرف عاداتها ويحفظها.. ولكن، لماذا يفعل هذا؟ إنه يعرف أن هذه التصرفات اللطيفة قد تفيد زوجين تشاجرا لأن أحدهما تأخر في العمل أو أفرط في الشرب، إنها لاتنفع حالةً كحالتهما؛ ولهذا لم تستطع تفسير تصرفه، إنه يعرف ويوقن أن فعلا كهذا لن يجعلها تحس بشعور أفضل تجاهه، لماذا يُتعب نفسه إذن؟
سكبت الشاي في كأسها وشربت منه رشفة.. تنهدت.. إنه متقن، لقد وضع العشبة التي تحب، ومقدار السكر الذي تحب.
هاهو يوسف الرقيق الحنون، الشخصية التي سحرتها وأسرتها حين كانت طفلة. ولكنها لم تعد تجدي، ليس بعد الآن.
وقعت عيناها على كفها، على الحرق القديم الذي يبدو أن يوسف يعاني كلما رآه.. سألت نفسها من جديد، أليس عليها أن تتخلص فعلا من هذه الآثار؟ لأجل نفسها لا لأجله؟ ولكن، ماذا لو تخلصت منها فعلا ثم أهداها يوسف بكرمه المعتاد آثارا جديدة؟
زفرت.. شغلت حاسبها وهي ترشف من شايها، انخرطت في عملها، ولكن هذا الانخراط كان يُقطع بين مدة وأخرى حين تدلك معصمها الذي لازال يؤلمها كلما أكثرت استعماله، وحين تقع عيناها على أثر الحرق الصغير.—
=
دخل المنزل ليلا بخطوات بطيئة.. لحظات وكانت في استقباله.. مسحها بعينيه مسحةً سريعة، إنها ترتدي بنطالا طويلا، وقميصا قصيرا بدا من تحته بطنها، شعرها مسدل على كتفيها، وهي منكمشةٌ على نفسها.. بدت خائفة ومضطربة وهي تهمس بكآبة دون أن تواجهه النظر: أهلا بك.
ظل يتأملها.. هاهي فتاته المفضلة، ذات الثمانية عشر عاما، تسليته اليومية التي لايشبع منها، الشخص الذي يعشقه ويعشق تعذيبه في الوقت نفسه.
رفعت عينيها عليه بتردد حين أطال النظر، انكمشت، كانت عيناه داكنتين، لقد عرفت مباشرةً أنه في مزاج اللعب.
يعود معظم الأيام راغبا في الجنس، يستريح قليلا قبل أن يمارس معها مايريد، قد يكون عنيفا ولكنه لايبالغ في العنف، يمتعها مع متعته، ثم حين يفرغان يتركها ليكملا اليوم بشكل طبيعي، حتى يغفوا معا في النهاية.
كانت توجد استثناءات لهذا الروتين، فأحيانا يعود غاضبا، فيؤذيها، ويضربها حتى يشبع، ثم يمارسان الجنس قبل أن يتركها وشأنها. وأحيانا أخرى، وهي الأسوأ بالنسبة لها، يعود في مزاج كمزاجه ذلك اليوم، حيث يريد أن يعذبها ببطء، أن يلعب، أن يراها تتألم، وأن يتسلى ويتسلى بألمها النفسي قبل الجسدي. حين يكون في ذلك المزاج تنتزع الرحمة من قلبه تماما ويصبح وحشا ساديا لا يبالي بشيء إلا بمتعته.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...