فتحت عينيها ببطء صباحا، شعرت ببرودة بجانبها.. إنه ليس موجودا.
جلست بسرعة فشعرت بدوار شديد.. وضعت يدها على رأسها بتعب.. موضوع الحمل هذا يجعلها كسولة ومتعبة طوال الوقت، ولكنها كانت مضطرة للنهوض، فاستيقاظه قبلها جريمة، لم تجهز له شيئا.
جرت نفسها من السرير بصعوبة، ذهبت للحمام ثم خرجت لتجهز قهوته.. كان الوقت قد تأخر.. كانت واثقة أن الأمر لن يمر بسلام.
قطبت حاجبيها حين خرجت للصالة ووجدت فطورا لهما على الطاولة.. وهو يجلس أمامه ويشرب قهوته بهدوء..
قالت بقلق: أ.. أنا لم أشعر باستيقاظك.
رفع عينيه عليها.. كان تفرك كفيها ببعضهما محاولة عدم إبداء خوفها.. تنهّد.. قال بهدوء: لا تفعلي شيئا خلال هذه المدة.. ارتاحي وتغذي جيدا..
قطبت حاجبيها أكثر..
تابع بجدية: حتى ينتهي موضوع الحمل هذا، وحتى لو ولد الطفل.. لا أريدك أن تجهدي نفسكِ.
انت تعرفين اكثر مني انه ليس من حقنا أن ننجب طفلا هزيلا او مريضا لأنك أرهقتِ أو تضايقتِ خلال الحمل.. كلي جيدا ومارسي الرياضة ولا تحركي شيئا في المنزل. لا تستسلمي لانانيتك يامنال. وساعمل انا على تذكيرك بهذا.
نظرت إليه بنظرة متضايقة طويلة.. قال بحدة: لماذا تحدقين؟
أجابت بضيق وهي تتحرك لتجلس على الكنبة أمام الطاولة: لا شيء..
قال بحدة: تكلمي!
زفرت ونظرت إليه: أنت أناني..
ابتسم ببرود: هذا ليس خبرا جديدا -التفت وخفض عينه على هاتفه-..: كلي..
تنهدت.. أكلت قليلا بلا شهية.. نهض بعد قليل وقال ببرود: لقد ألغيت سنتكِ الجامعية هذه.. ستبقين في المنزل حتى ينتهي موضوع الطفل..
اختفى لون وجهها وقالت بصدمة: ماذا؟ كيف تلغيها دون أن تسألني!
رفع حاجبيه: منذ متى وأنا أسألكِ عن أي شيء؟
قالت بعصبية: ليس من حقك إلغاء دراستي هكذا! أنا لا أريد إضاعة الوقت والبقاء في المنزل بلا فائدة! هل تريدني أن أصاب بالجنون؟
تغيرت ملامحه من البرود إلى القسوة.. تقدم منها وجرها قابضا على عضدها بقوة: ماهو الذي ليس من حقي؟
انكمشت بخوف.. تابع بصوت هادئ بارد: كل شيء من حقي يا منال.. كل شيء!
تأمل جبينها المغضن بسبب الألم وعينيها المغمضتين.. ضغط أكثر..: ستبقين في المنزل.. مفهوم؟
ضغطت على أسنانها بقهر.. كرر بصوت أحدّ: مفهوم؟؟
قالت باستسلام محدقة في الأرض: مفهوم...
أفلتها بخشونة: أحسنتِ..
تركها وخرج من المنزل صافقا الباب خلفه.. دلكت عضدها بضيق..
__بحث يوسف خارج البلاد طويلا عن طريقة للتخلص من الجنين مستعملا كل مصدر من مصادر معلوماته.. لم يفلح..
يئس من الأمر وأجبر منال على قبوله.. تساهل معها في قوانينه المعتادة وسهّل عليها حركتها وتنقلها، ولكنها قضت أغلب وقتها في المنزل غارقة في كآبة فظيعة.. لا يمكنها أن تنجب.. لا يمكنها تخيل المأساة الناتجة عن ولادة هذا الطفل.. هذه كارثة كبيرة..كانت جالسة وحدها في المنزل تحدق في بطنها بضيق.. لم تكن مهتمة فعلا بموتها أو بحياتها.. لا يجب أن يولد هذا الطفل فقط!
مررت يدها على بطنها بتفكير.. تحركت ببطء.. رفعت يدها ثم لكمت نفسها بقوة على بطنها.
اتسعت عيناها من الألم وسعلت.. لم تكن الضربة قوية بما فيه الكفاية.. خوفها يجعلها تخفف القوة لا إراديا..
نهضت بسرعة وفتشت طويلا عن شيء ثقيل.. أمسكت بمطرقة وأخذتها إلى غرفتها.. رفعت يدها وهوت بها على بطنها وصرخت بألم وهي تنحني.. كررت هذا عدة مرات حتى شعرت أنها لم تعد تتحمل.. أعادت المطرقة واستلقت على سريرها متكورة بألم شديد..
قضت ساعتين تحاول النوم ويمنعها الألم.. سمعت صوت الباب يفتح فأغمضت عينيها بسرعة متظاهرة بالنوم..
شعرت بخطواته يقترب.. يتوقف بجوار السرير..
: لستِ نائمة.
فتحت عينيها بتعب.. يعرفها..
: هل يؤلمكِ بطنك؟ -دقق النظر- ما الأمر؟
قالت بهدوء: لا شيء.. ألم بسيط وسيمضي..
كان يرى تعابير وجهها تنم عن ألم فظيع.. سحب الغطاء عنها بخشونة.. قطب حاجبيه حين رأى ذراعيها الملفوفتين حول بطنها!
قالت بضيق: ماذا تفعل؟
أجابها بجدية: انهضي..
: أنا متعبة يا يوسف.. دعني من فضلك..
ازداد صوته صرامة: انهضي!!
تنهدت بتعب وسحبت نفسها بصعوبة.. لن يتركها حتى تنهض..
وقفت أمامه بإرهاق.. حدق بها ثم سحب ملابسها للأعلى بخفة!
أحاطت بطنها بذراعيها وقالت بانزعاج: ماذا تفعل؟
رفع حاجبيه وحدق بها ببرود.. كانت خائفة.. إذا رأى مافعلت بنفسها لن يرحمها..
قال بجدية: أبعدي يديكِ..
نظرت إليه باستعطاف.. احتدت نظراته أكثر.. أبعدت يديها باستسلام.. أغمض عينيه بضيق شديد.. كما توقع.. الكدمات منتشرة على بطنها بشكل مرعب..
قال من بين أسنانه: هل حصل شيء؟ هل نزفتِ؟
قالت بهمس: كلا..
زفر بتعب وخفض التيشيرت.. شدت يديها إليها وانكمشت منتظرة صفعةً أو ما يشبهها..
قال بصوتٍ مبحوح: ما الذي تعتقدين أنه يفترض بي فعله الآن؟
أغمضت عينيها وقالت باستسلام وهدوء: افعل ماتريد ودعنا ننتهي.
شدت جسمها بقوة منتظرة.. فتحت عينيها ببطء حين لم تحس بحركة منه.. رمشت عدة مرات.. كان في وجهه رجاء غريب.. قال بهدوء: لا تفعلي هذا مجددا.. هل تعدينني؟
سكتت.. : لا تؤذِ نفسكِ.. الطفل لن يذهب.. مكانه حرِج.. سيتأذى وسيولد متضررا ويؤذيكِ معه فحسب!
قالت بصوت مخنوق: لا يمكنني أن أنجب يا يوسف.. لا أريده.. لا أريد أن يتعذب معنا..
تنهد بتعب: ولا أنا.. ولا أنا يا منال.. ولكنني لا أخاطر بفقدك! هل تفهمين؟ أنتِ الشيء الوحيد الذي... -سكت.. زفر..- عديني فحسب..
كانت تعلم أنه يثق بوعودها.. ربّاها على ذلك.. قالت بضيق: حسنا..
أطلق نفسا مرتاحا.. قال بهدوء: لا تنامي هنا.. تعالي حين ترغبين في النوم.. و.. كلي مسكن ألم..
كررت باستسلام: حسنا..
خرج وأغلق الباب خلفه.. تساءلت عن تكملة عبارته.. "الشيء الوحيد الذي.."؟
تنهّدت.. ابتلعت دواء ثم أشغلت نفسها ببعض الأمور حتى شعرت بالتعب.. ذهبت إلى غرفته.. كان جالسا على السرير وفي يده كتاب.. ثبت عينيه عليها بقميصها القصير الخفيف.. ذراعيها النحيلتين وكتفيها المستويين..
تنهد وخفض عينيه على الكتاب مجددا.. استلقت بهدوء بجانبه.. تسللت لأنفه رائحتها اللطيفة.. بلع ريقه.. لم يعد يقاوم.. شيءٌ فيها يجذبه ولا يسمح له بالملل أو الاكتفاء.. وضع الكتاب جانبا وانحنى فوقها بخفة.. أغمضت عينيها حين شعرت بقبلة لطيفة على رقبتها.. يده تداعب شعرها بنعومة ويده الأخرى تمسح فوق فخذها..
قبّلها.. قبّل شفتيها.. أنفها.. وجنتيها وعينيها.. رقبتها وكتفيها.. قبّل كل كدمة في بطنها.. وكلا ترقوتيها.. تلمس بلطف كل شبرٍ منها وتنفّسه وداعبه..
كانت تشعر بشيء غريب مختلف في لمساته.. ليست شهوانية بحتة.. كانت تشعر بحنان غريب أو رغبة غير مفهومة بالقرب منها.. لم تفهم.. ولم تهتم.. ولكنها شعرت بها..
ابتعد عنها ببطء وسحبها إلى حضنه.. دفنت وجهها في صدره بينما أحاط خصرها مرورا بظهرها بذراعه.. كانت أصابعه تدلك ظهرها وتعبث به.. أغمض عينيه ونام.
__
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...