توقفت السيارة أمام باب البيت أخيرا بعد طريق طويل لم ينطق أي منهما خلاله حرفا..
فتح كل منهما بابه لينزل.. التفتت منال إلى يوسف حين سمعت نداءه: لحظة..
سكتت بانتظار أن يتابع.. عاد يوسف ليجلس في مقعده بعد أن كان يهم بالنزول، ارتخت كفه عن مقبض بابه وركز عينيه في عينيها، قال بجدية كبيرة، وبصوت هادئ وهو يمرر أطراف أصابعه على أثر الكسر في أنفه بحركة لا واعية: لا تخيبي ظني منال.. -نظر إلى الخزنة في يدها، أغمض عينيه وزفر قبل أن يفتحهما من جديد- أعرف أنني لم أكن في أحسن سلوكياتي مؤخرا.. أعرف.. لكن.. لا تجعليني أندم لأنني اخترتُ الثقة بكِ.. أرجوكِ، لا تخوني ثقتي..ابتسمت بانزعاج نصف ابتسامة.. هل يصف تلك الحادثة أمام القبر، وتمزيقه لمعدتها صباح اليوم، وإجباره لها فوق سرير أبيها منذ قليل، هل يصف كل هذا بأنه "ليس أحسن سلوكياته"؟
فهم يوسف ماتفكر به مباشرةً.. قال بضيق: لا تنظري إلي هكذا.. إنكِ تعرفين أنني لا أحسن الكلام.. وتعرفين أن أخطائي تعذبني.. ولهذا.. لا تنظري إلي هكذا.. لا تحاسبيني لأنني لا أملك جرأةً كافية تجعلني أسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة.تنهدت منال.. تأملته لحظات ثم نزلت من السيارة.. تبعها يوسف متضايقا، كان يأمل أن يحصل منها على رد يريحه، تمنى أن تقول له أنها لن تخونه، وأنها ستكون على قدر الثقة التي منحها إياها. فهو قد سلمها بيده أسوأ أسراره.. ولكنها تابعت طريقها للداخل دون أن تبادله كلمة..
حين دخلا كانت المربية جالسةً في الصالة.. سألتها منال بصوتٍ يتضح عليه الإجهاد: كيف هو فارس؟ ما زال نائما؟
دلكت المربية جبينها: حسنا.. نعم، إنه نائم، ولكنه أفاق خلال غيابكما.. لقد بكى قليلا وسأل عنكما، ثم غفى على سريركما في نهاية الأمر رغم أنني حاولت إق-
قاطعتها منال بحدة: أفاق؟ لماذا لم تتصلي بي!!؟
تنهدت المربية: لقد رجاني أن لا أهاتفكما.. وحين غفى بعدها مباشرة وجدتُ أنه لا معنى لذلك..
امتعضت منال وقالت بخشونة: حسنا.. حسنا.. اسكتي، يكفي، انصرفي.سكتت المربية بانزعاج واضح من أسلوب منال، ولكنها غادرت المنزل دون تعليق..
كان يوسف يراقب مستغربا.. فهذه لم تكن طباع منال، يستحيل أن تتكلم منال مع أي من مرؤوسيها بأي شكل سوى بالاحترام المطلق.. وهذا الذي رآه منها كان جديدا جدا..
قال ببعض التوتر: منال.. ما هذا الأسلوب؟
التفتت إليه منال وغمغمت: لقد أفاق، لقد خاف وبكى، ولفرط خوفه ترك غرفته ونام على سريرنا وحيدا.. وهذه الغبية لم تفكر حتى بإرسال رسالة تنبهنا بها!
تنهد يوسف: حسنا.. معكِ حق في غضبك، ولكنكِ لستِ.. طريقة الكلام تلك ليست عادتكِ!فركت منال عينيها بتعب.. كانت تعرف ذلك جيدا.. وكانت تكره قالب الشخص الغني الذي يعامل العاملين عنده باحتقار وتكبر، تكرهه وتمقته ولا تطيق أن تتحول إليه.. ولكنها كانت مجهدةً للغاية خصوصا فيما يخص علاقتها بفارس، وهذا جعلها تنفجر..
قالت بحدة وهي تتجه للداخل: لعلي مللتُ يا يوسف من كوني شخصا لطيفا مهتما بغيره دائما، لعلي أحتاج الأنانية مرة أو مرتين!
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...