دخل يوسف منزل سارة بخطوات مترددة.. ابتسم لها شبه ابتسامة وهو يعانقها..
: هل أنت بخير؟
تنهد يوسف.. لو عرفت سارة من أين كان قادما لما رحّبت به هكذا: أنا بخير.. آسف على المجيء في هذا الوقت المتأخر.
هزت رأسها بالنفي: لا تقلق، الوقت بعيد عن موعد نومي.. ولكن، إذا كنت قد جئت من أجل فارس، فهو قد نام بالفعل.
فكر يوسف لحظات: لا بأس، أريد أن أراه فقط. سأقبّله وأذهب.
كان ذلك غريبا بالنسبة لسارة، وكان تصرفا عاطفيا لم تتصور أن يصدر من يوسف، ولكنه أراحها. قالت بابتسامة: تفضل، إنه نائم في الغرفة.توجه يوسف إلى الغرفة، كانت سارة قد خصصت لفارس غرفة في شقتها بحكم زياراته التي صارت متكررة. كانت تريده أن يشعر بالراحة والأمان في منزلها.
فتح يوسف الباب بخفة بالغة، وأحس بنبضه يتصاعد فورا بسبب الظلام الطاغي على الغرفة.
بسرعة خاطفة أضاء أضعف إنارة في الغرفة، وهدأ قليلا حين ذاب الظلام.
بدا له أنه أحس بحركة من سرير فارس، ولكنه ظن أنه واهم. أغلق الباب بهدوء وتقدم ليرى فارس.اتسعت عيناه بصدمة حين رأى أن عيني فارس كانتا مبللتين، وأن جفنيه كانا يرتجفان، وكان يتظاهر بالنوم.
قال بقلق بالغ وهو متجمد مكانه: فارس!
انتفض فارس حين سمع صوت أبيه، كان يعتقد أن عمته هي من دخلت عليه.
مسح عينيه بسرعة واعتدل جالسا وهو يقول بقلق: بابا! لم أنت هنا! ماذا تفعل هنا؟ هل ماما بخير؟
تنهد يوسف بألم للقلق الحاد غير المبرر الذي ألمّ بفارس.. جلس بقربه على السرير وقال بنعومة: فارس، اهدأ يا صغيري.. كل شيء بخير.. أنا هنا لأراك فقط.بلع فارس ريقه وهدأ قليلا.. مسح عينيه من جديد وكأنه يحاول أن يتأكد أن دموعه لا أثر لها.
بحث حوله عن هاتفه، ودون أن ينطق بكلمة، اتصل بأمه.
زفر يوسف، لم يكن فارس يصدّقه. كلمتُه لم تعد تكفي بعد الآن.
لحظات وكانت منال تجيب، أطلق فارس نفسا مرتاحا وابتسم، وسألها عن حالها مرارا وتكرارا قبل أن يودّعها ويغلق الهاتف.
ترك الهاتف جانبا ونظر إلى أبيه ببعض الخجل.. قال هامسا وهو يخفض عينيه إلى حضنه: آسف بابا.. أردت فقط أن أطمئن عليها.
مرر يوسف كفه في شعر فارس وقال بهدوء: لا بأس يا صغيري..سكت الاثنان لحظات ثم قال يوسف بجدية: إنه دورك الآن لتخبرني.. ماذا يجري معك؟ لماذا لم تكن نائما؟ ولماذا كنت تبكي؟
عبس فارس وقال بضيق: لم أكن أبكي.
رفع يوسف حاجبيه، أفلت شعر فارس وأمسك بخفة وجهه ورفعه لينظر إليه، قال ببعض الصرامة: إذا لم ترد أن أكذب عليك، لا تكذب علي.
عقد فارس حاجبيه ومضغ شفته.. أفلته يوسف فأبعد عنه عينيه مجددا وقال بهدوء: حسنا..
أراح يوسف كفه على ساق فارس وقال بنبرته الجادة ذاتها: جيدٌ إذن، أخبرني ماذا يجري معك.عبث فارس بأصابعه وقال بتردد: لقد أيقظني كابوس. ولهذا..
أحس يوسف بقلق كبير.. كابوس؟ إنه يعرف الكوابيس جيدا، فهي رفيقته كل ليلة، ولم يكن يريد لابنه أن يصل لتلك المرحلة من الاضطراب، أو يعايش ذلك النوع من العذاب.
قال بصوت حذر: أي نوع من الكوابيس؟
هز فارس رأسه بالنفي وقال بصوت كئيب: لا أريد أن أتكلم عن هذا.
أمسك يوسف بكفّيه كفّي فارس بإحكام.. قال بصوت لا يقبل النقاش: فارس، انظر إلي.
رفع فارس عينيه وهو يرمش بقلق، غير قادر على مقاومة نبرة الأمر في صوت يوسف.. فهو رغم كل شيء ما زال يحترمه ويهابه، ويخافه بنسبة بسيطة بسبب كل التعقيدات التي مرّا بها.
تابع يوسف وهو ينظر بتركيز في عيني فارس: فارس، هل هذه أول مرة يوقظك فيها كابوس؟
شد فارس على كفيه وهز رأسه بالنفي.. أحس يوسف بقلبه يقرصه وتابع: كم مرة؟
أبعد فارس عينيه عن عيني يوسف، ثم أعادهما وتمتم: كل يوم.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...