يومٌ لا نهايةَ له

٤٦

فتحت باب الحمام وخرجت تمشي بصعوبة.. اذ ان مابين فخذيها كان ممزقا وكان يؤلمها الما جنونيا مع كل حركة تتحركها ساقاها.. كانت ملتفة بمنشفة بعد ان قضت وقتا طويلا تحت الماء حتى عادت بعض الشيء الى وعيها وحتى توقف نزيفها.. وكانت تريد السرير.. السرير فقط.
ارتمت اخيرا على السرير واطلقت آهة.. سمعت صوت طرق على الباب بدا لها وكأنه صدر من بئر عميق.. رفعت رأسها بصعوبة.. كانت رؤيتها غائمة ولكنها رأت شخصا لاتعرفه يتقدم منها.. رمشت عدة مرات وسمعت صوتا انثويا..: سيدة منال، انا طبيبة السيد يوسف، امرني بالاعتناء بك.
ارخت رأسها مجددا على الوسادة ولم تنطق.. كانت بحاجة لطبيبة، فالألم يكاد يفقدها صوابها.
اقتربت الطبيبة منها وبخفة بدأت تفرق بين ساقيها..: هل تسمحين لي؟
همست منال بصوت ضعيف: افعلي ما شئتِ. فقط، انا بحاجة لشيء يخفف الالم.
فتحت الطبيبة فخذي منال اقصى ما استطاعت، وضعت في كفيها قفازين واخرجت من حقيبتها بعض الادوات وضوءا صغيرا.. بدا واضحا ان يوسف قد اخبرها اين يجب ان تبحث عن الضرر بالضبط.
صرخت منال بألم ما ان لمست الطبيبة طرف منطقتها.. ارتبكت الطبيبة: اعتذر، تحملي للحظات فقط، علي ان افحصكِ.
شدت منال على اسنانها وركزت عينيها اللتين بدأت الرؤية تتضح فيهما على وجه الطبيبة التي كانت تفحص مهبلها.. شيئا فشيئا كان وجه الطبيبة يمتقع ويتلون..
افلتتها واطفأت ضوءها الصغير وقالت برعب: سيدة منال! انها اصابات بالغة! لا يجب ان تسكـ.....
رفعت منال رأسها، ظهرت ملامح وحشية على وجهها وغمغمت من بين اسنانها: اسمعيني يا هذه.. ان سمعت كلمة، لا، ان سمعت حرفا واحدا يحمل نصيحة حياتية او اجتماعية او زوجية، ان نطقت باي شيء لا يرتبط بشكل مباشر بالصحة، الصحة فقط، فاقسم انك ستخسرين عملك ومالك وسكنك وسوف تقضين بقية حياتك تنامين في الشارع وتتسولين من المارة.. -اتسعت عيناها واحمرت- انا لا امزح! هل تفهمين؟
اضطربت الطبيبة.. تعرف انها لايجب ان تعبث مع هذه العائلة، ولكنها لم تستطع مقاومة التعليق لهول ما رأت.. قالت بهدوء: نعم. اعتذر منك.
رمت منال رأسها مجددا على الوسادة بتعب وحنق.. تعرف ان هذه الطبيبة الغبية كانت لتعظها عن بشاعة ماحصل، وكانها هي من طلبت من يوسف ان يمزقها هكذا. وربما كانت لتقول لها ان لاتتركه يمر، ولاتسكت عنه، وهذا كان اغبى، فلا احد في الكون سيسكت عن هذا الجحيم اذا كانت له قدرة الكلام.

انّت بألم حين وضعت الطبيبة مرهما في موضع الاصابة، ثم نهضت وغرست في كفها ابرتين موصولتين بمحلول وعلقت كيس المحلول بجانب السرير على معلاق احضرته معها.
فحصت بعدها رسغها ثم تركت لها بعض الادوية بجانبها..: ستقوم المحاليل بتسكين المكِ وتنويمك. منذ الغد خذي من الحبوب مرة في اليوم، والمرهم كذلك. ستتحسنين بسرعة فهي انسجة نشيطة، ولكن لاتجهدي نفسكِ، لاتمش كثيرا. واذا لاحظت اي دلالة على التهاب تواصلي معي، تركت بطاقتي مع الادوية. واشربي الكثير من السوائل، جهزت لك بعض المشروبات بجانب الادوية كذلك، داومي على الشرب منها.