خرج يوسف من الغرفة صباحا بعد أن أطال النوم بعض الشيء.. وجد منال وفارس جالسين إلى مائدة الإفطار يتحدثان بمرح، بينما ربض بندق بينهما باسترخاء. خفق قلبه حين أحس لوهلة أنه محظوظ.. لأنه رغم كل سوئه ووضاعته يمتلك عائلة كهذه. أحس أنه بمنحى عن كل المشاكل التي تحيط به، كانت له عائلة رائعة.
قفز بندق متحمسا ما إن شعر بوجوده.. دار حوله وهو ينبح معبرا عن ترحيبه. ابتسم يوسف وانحنى ليلاعبه.
لم يتوقع يوسف ذلك حين تبنّاه، ولكن وجود بندق كان يحسن نفسيته كثيرا.. فلسبب ما، كان بندق يحبه ويفضله على منال وفارس. كان يمنحه محبةً مطلقة ولا مشروطة.. هذه المحبة التي لم يمنحها أحد ليوسف منذ طفولته.تأملته منال وهو يعبث مع بندق الذي كان يلعب معه بنشاط ثم يلعقه بعاطفة.. أحست بهالة سلام منبعثة منه وتعجبت.. فمصادمته مع أحمد يفترض أن تجعله عدوانيا لمدة.. ولكنه على العكس.. بدا هادئا ومتزنا، والأكثر من ذلك، بدا رقيقا. تساءلت ساخرةً داخل نفسها إن كان سبب هذا مبادرتها الجنسية معه بالأمس. أو طلبها الجديد منه.
استقام يوسف واقفا من جديد وقال محافظا على ابتسامته: صباح الخير.
أجاب فارس الذي كان في مزاج جيد كذلك: صباح النور، أهلا بابا!
اقترب يوسف منهما، قبّل جبين منال بنعومة بالغة، ثم اقترب من فارس وقبل وجنته بقوة وهو يقول: لا أصدق كم اشتقتُ لك!
ضحك فارس: لقد قضينا الأمس معا! متى اشتقتَ لي؟
عبث يوسف بشعره قبل أن يحمله بحركة مفاجئة ويجلس على كرسيه ثم يضعه فوق حضنه.. قبّل وجنته من جديد قبل أن يقول: أنا حر! يمكنني أن أشتاق لابني متى شئتُ!
سكت فارس للحظات وبدا أنه يتذوق طعم هذا الموقف الذي لطالما حلم به.. ابتسم، قبّل وجنة أبيه وقال بهدوء وصدق: وأنا اشتقتُ لك.تأملت منال هذا المشهد اللطيف من جديد.. راقبت يوسف وهو يُطعم فارس الذي استرخى سعيدا في حضنه.. إن غضبها من تقارب فارس ويوسف صار أخف بكثير. لا تعرف لمَ.. ربما لأنها تكلمت عن ذلك وأخرجته من صدرها، وربما لأن الوضع بينها وبين يوسف صار أقل حدة ولو بنسبة في غاية الصغر. أو ببساطة لأنها ترى ملامح الغبطة المفرطة على ابنها وهذا كان كافيا ليريحها ويسعدها.
قال يوسف لفارس مبتسما: لا تذهب للنادي اليوم. دعنا نذهب في نزهة.
خفض فارس كأس الحليب من يده وقال بلهفة: حقا؟
: بالتأكيد. ماذا لو ذهبنا لمكان بعيد؟ لم نذهب في نزهة بريّة من قبل.
التفت فارس لأمه وهو يكاد يصاب بالدوار لشدة حماسه: ماما! يجب أن تأتي معنا! للضرورة! الضرورة البالغة!
أوشكت أن تضحك على تعبيرات وجهه.. لم ترغب في رفض طلبه ولكنها كانت تعرف أن أحمد سيخرج من المشفى ذلك اليوم، وكانت تخطط لمساعدته وإيصاله لبيته.. ابتسمت: ليتني أستطيع فعل ذلك، ولكنني مشغولة للغاية اليوم.
عبس فارس محبطا فقال يوسف لينقذ الموقف: حسنا، اسمعا، سنؤجل النزهة البرية وسنذهب أنا وأنت يافارس لمكان عادي اليوم. موافق؟
وافقه فارس وعاد لينشغل بطعامه.. سكت يوسف وتأمل الموقف.. جلوسه الهادئ والمسالم مع زوجته وابنه كعائلة عادية سعيدة.. ولسبب ما لمعت في ذهنه صورة لا يطيقها.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...