١٠

3.2K 81 10
                                    

بعد يومين.. كان عليهما الذهاب للموعد الشهري مع طبيبة الولادة.. كان الوضع بينهما باردا وكئيبا..
كانت مستلقية على السرير مغطاة بالمفرش الأبيض الخفيف.. وهو يقف بجوارها بصمت داسا يديه في جيوبه..
دخلت الطبيبة مبتسمة بتوتر.. موعدهما يقلقها لأنهما غريبان.. كئيبان وحماسهما للطفل معدوم..
بعد فحص دقيق تغير وجهها، نظرت إليهما بقلق ثم قالت بهدوء: علي الكلام مع منال على انفراد لطفا..
قطب يوسف حاجبيه: ما الذي تحتاجين لقوله لها وحدها؟ حالتها وحالة الطفل تهم كلينا!
قالت بإصرار: لطفا يا أستاذ يوسف.. من فضلك.. هذا ضروري.
أغمضت منال عينيها بنفاد صبر: قولي ما تريدين أمامه.. لا فرق عندي.
: أريد الكلام معكِ وحدكِ يا منال!
زفر يوسف بضيق وتحرك مغادرا.. خلت الغرفة إلا من منال والطبيبة.. جلست الطبيبة بجوارها وقالت بجدية: منال.. سأسألك وجاوبيني بصدق..
قطبت منال حاجبيها: ماذا هناك!
تنهدت الطبيبة: هل تعرضتِ لعنف جنسي مؤخرا؟ أو لاغتصاب؟
تغير وجه منال وتلون.. قالت بصدمة: م...لا! لماذا تقولين هذا؟
: لا تنكري يا منال.. ساعديني كي أساعدكِ! أرى الآثار بوضوح عليكِ -تنهدت- إن الطفل حتى تأثر بسبب هذا العنف!
تلون وجه منال: ماذا! هل هو بخير؟
: لا يمكن التأكد من هذه المعلومة الآن، ليس بعد. قد تواجهه مشكلة في رئتيه حين يولد.. أخبريني بالذي حصل رجاءً!
أغمضت منال عينيها بتعب: لا شيء.. لم يحصل شيء!
: لماذا تفعلين هذا! هل هو زوجكِ؟ أم شخص آخر؟ يمكنكِ الثقة أن خصوصية المريض أولوية عندنا، لن...
قاطعتها منال بحدة وهي تنهض: قلت أن شيئا لم يحصل.. أعطني نتائج فحوصات الدم كي أذهب!
نظرت إليها الطبيبة بضيق ثم نهضت.. تأكدت من النتائج وكتبت لها بعض الڤيتامينات..
خرجت منال.. وجدت يوسف جالسا على الكراسي المقابلة للباب.. نهض حين رآها.. أبعدت عينيها عنه بضيق وسارت.. أخذا الأدوية وعادا للسيارة..
لم يحرك السيارة.. أسند يده على المقود وحدق أمامه بصمت.. كانت شاردة في النافذة حتى لاحظت أنهما لم يتحركا.. قالت بهدوء: ماذا تنتظر؟
التفت لها.. أسند رأسه خلفه وقال: ماذا أرادت منكِ؟
زفرت.. لن يمكنها أن تخفي الأمر عنه.. ولكنها كانت تشعر بغضب مرير جراء ما فعله لها.. لم تكن تريد أن تخبره كم آذاها ذلك!
حرك فكه بعصبية حين جاوبه الصمت.. قال بصوته الهادئ ذاته: هل علينا أن نمر بالمراحل ذاتها كل مرة؟ أسألك فتتهربين حتى أضربكِ لتتكلمي في آخر الأمر؟ انطقي منذ الآن واختصري الأمر على كلينا!
نظرت إليه.. ابتسمت بسخرية.. كانوا في مصف السيارات الخاص بالمستشفى.. المكان مليء بالناس.. فتحت باب السيارة بحركة مفاجئة، نزلت ومشت مبتعدة عنه..
قطب حاجبيه بصدمة وبسرعة تبعها، لم تهتم، لن يستطيع إيذاءها أو إعادتها قسرا أمام الناس..
أمسك بمعصمها وقال بحدة: ماذا تفعلين؟ هل جننتِ؟
قالت من بين أسنانها: أبتعد عنك، دعني وشأني حالا.
ضغط على معصمها وغمغم: تحركي إلى السيارة ولا تفقديني أعصابي.. أنتِ لن تخطي خطوة واحدة بدون إذني!
قالت من بين أسنانها: قم بإيلامي أكثر وسأصرخ وأجمع كل هؤلاء عليك، وستصبح خبرا في الجريدة غدا.
رفع حاجبيه.. ابتسم ابتسامة ساخرة.. تضايقت من تحديقه بها بهذه الطريقة، وكأنها قالت له نكتة.
قال محافظا على ابتسامته: هل تتمردين يا صغيرتي؟
قالت بحدة: أنا أطلب حقي في المشي أينما أريد. كيف يكون هذا تمردا أيها المريض!
رفع حاجبيه أكثر.. اختفت ابتسامته وقال بجدية: حسنا.. بدأ هذا يزيد عن حده يا منال..
وبحركة سريعة ضرب رأسها من الخلف، شهقت بصدمة وخلال ثوانٍ سقطت مغشيا عليها.. التقطها بحرص وحملها وسار بها إلى السيارة..
__

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن