تركت منال المربية في البيت وخرجت ذاهبة إلى العيادة، إلى طبيبها المعتاد تحديدا.. كانت يدها تؤلمها ألما مجنونا عرفت أنه لن يحل دون علاج..
عندما ركبت سيارتها وحركتها لاحظت السيارة التي تتبعها.. لم تكن السيارة المعتادة، بل كان سامر.
عادةً لا يتبعها سامر إلا لغرض معين يحدده له يوسف، رجالٌ آخرون يتولون الأعمال اليومية والبسيطة، يديرهم سامر دون أن ينفذها بنفسه..زفرت عندما وصلت إلى العيادة.. كانت القيادة بيد واحدة طيلة الطريق صعبة ومزعجة.. كما كانت كفها المصابة ملوّنة وتنبض بألم مزعج وشديد..
نزلت من سيارتها، ونزل سامر هو الآخر ومشى مقتربا منها.. عضت على شفتها بغيظ، هكذا إذن.. لايريد يوسف مرافقتها في موعدها فأرسل سامر ليقوم بالمهمة..
بدا سامر محرجا منها حين وصل إليها، ولكنه أخفى ذلك خلف وجهه المعتاد شديد الجمود..
قال بهدوء: مساء الخير سيدتي.. أنا هنا كي أرافقكِ عند الطبيب.
مالت شفتها بابتسامة متقززة.. لم تتكلم ومشت فيما تبعها محافظا على مسافة صغيرة بينهما..دخلت عند الطبيب الذي رمقها بنظرة ذات معنى.. إنه يعرفها ويحفظها جيدا لكثرة إصاباتها.. دخل سامر بعدها وأغلق الباب، واكتفى بالوقوف في أول الغرفة..
نقل الطبيب عينيه مطولا بينها وبين سامر بوجه ممتعض قبل أن يقول: مساء الخير، تفضلي..
جلست على طرف السرير الأبيض وتقدم منها الطبيب.. مدت له يدها دون تعليق..
رفع حاجبيه وهو يتأملها.. قال بهدوء: هذه يدكِ ذاتها التي يؤلمك معصمها.. صحيح؟كانت ترى السخرية في حالتها.. معصمها الذي تدمر إلى الأبد، الذي يؤلمها كل يوم، ويستغل يوسف هذا في كل مشكلة بينهما.. والآن، كفّها.
قالت ببرود: نعم.
أمسك بكفها المزرقّ وسمع هسّة منها لشدة الألم.. بعد فحص سريع هز رأسه بأسى: اذهبي إلى غرفة الأشعة.. سيصطحبكِ الممرض..
أشارت بالإيجاب، أجرت الأشعة وعادت إلى الطبيب بعدها بعشر دقائق لتجده جالسا خلف مكتبه يتأمل الصور في جهازه..
أشار إلى السرير فجلست، نهض وهو يقول: ليست مكسورة لحسن الحظ.. إنها رضة.. ستتحسن ولكن لاتستعمليها.. سألفّها لكِ، يجب أن تظل ثابتة قدر المستطاع.لم تنطق وراقبت الطبيب الذي سحب كرسيا دائريا قصيرا وجلس عليه أمامها وانشغل بتفحص كفها ثم بتضميدها..
ألقى نظرة على سامر الواقف بجمود في أول الغرفة، ثم قال بصوت هادئ وجاد للغاية وهو مستغرق في عمله: أخبريني.. ألا تظنين أن الوقت قد حان لتطلبي المساعدة؟
اهتزت يدها قبل أن تقول ببرود: لا أعرف عن ماذا تتكلم..
زفر..: منال.. توقفي.. أرجوكِ دعينا نتوقف عن هذه الألعاب.. لقد قبلتُ كذبة تعثرك على الدرج في أول إصابتين.. ولكن، ليس بعدها.
عبست منال: هذا ليس من شأنك.
: إنه من شأني.. أنا طبيبكِ.. يمكنني مساعدتكِ..
غمغمت منال بملل من هذه الأسطوانة التي تسمعها منذ أول مرة اضطرت لمراجعة طبيب بسبب يوسف، أي منذ طفولتها: لستُ بحاجة للمساعدة.. ولا أريد أن أسمع هذه الأشياء.. قم بعملك فحسب.. من فضلك.

أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...