٤٥

1.9K 45 4
                                    


عادت بعد دقائق بكوبي قهوة.. وضعت امامه كوبه بهدوء وجلست على الكنبة المجاورة محاولة ان تكون هادئة.. اتجه بجسمه لها وقال بجدية: كلميني يا ابنتي.. لماذا تتصرفين هكذا؟
سحبت نفسا عميقا.. امسكت بقهوتها بين يديها.. احست بحرارة الكوب تحرق باطن كفها ولم تهتم.. قالت بصوت هادئ: انني لم اعد استطيع الاستمرار في هذا.. لا اريد ان تكون موجودا في حياتي.
انكمشت ملامحه مبدية ألما شديدا.. هذا ماكان يخشاه.. قال بفزع: لماذا؟ لماذا قد تقولين شيئا كهذا؟
مررت اصابعها على كوبها بتفكير.. ثم رفعت عينيها على ابيها، كان ينظر اليها منتظرا جوابها بفارغ الصبر.. تنهدت..: لقد عرفتُ تفاصيل مسألتك مع يوسف.
تغير وجه احمد.. ان يوسف رجل ذو كبرياء، لم يتوقع انه في اي يوم من الايام سيتكلم عن ماحصل له معه..

قال بانزعاج: هل ستحاسبينني على اشياء حصلت منذ اكثر من عشرين سنة؟ هل ستطرديني من حياتك بسببها؟ ولاجل من؟ لاجل ذلك الحقير؟
اجابت بقرف: انا لا افعل شيئا من اجله! انا لا استطيع تحمل التعامل معك بعد ماعرفته.. ولا استطيع قبولك كشخص!
احتد صوته: انا ابوكِ يا منال.. لايفترض ان يوجد شيء على وجه الارض يكفي كي تخرجيني تماما من حياتك! ثم.. كيف تعرفين انه لا يكذب؟
ركزت عينيها في عينيه: حسنا.. لا يهم.. لنفترض انه يكذب.. هل تستطيع ان تقول لي ان مافعلته، سواء كان يطابق ماقاله يوسف ام لا، هل تقول انه لايستحق ردة فعلي هذه؟
سكت احمد متوترا.. لم يكن يستطيع الاجابة على هذا السؤال.. ففعلا، مافعله يستحق ردة فعل كهذه.. ولهذا لا معنى من مراجعة صحة كلام يوسف.. تحرك الى حافة الكنبة مقتربا منها: ان هذا قديم جدا لتحاسبيني عليه يامنال.. لقد كنت شابا!
احست بغضب شديد: وماذا لو كنت شابا؟ انا لا ارى منك ندما ولا اعتذارا، بل على العكس، انت تتبجح امام يوسف وتتعمد استفزازه.. ثم.. انك كنت ثلاثينيا، لم تكن مراهقا طائشا! وكنت متزوجا!! لايمكنك التعذر بالعمر! هل تفهم؟
اجابها بالغضب ذاته: لماذا يهمك اعتذاري منه؟ هل من المنطقي ان تحرميني منك ومن فارس لشيء فعلته قبل ان تولدي حتى بسنين كثيرة؟ يمكنك معاقبتي على تركي لك كما تشائين ولن اناقشك يوما، ولكن.. هذا لا يجب ان يدخل بيننا! اللعين يوسف لا يجب ان يكون مشكلتنا!

نهضت من مكانها وصرخت: ان يوسف ليس المشكلة! انت المشكلة! لقد اقتربت من ابني.. ايها المعتوه، لقد سمحت لك بالتواجد معه، وانت قد حولت طفلا بعمره الى لعبة جنسية! كيف تجرؤ على لفظ اسم فارس على لسانك اصلا؟
نهض بسرعة نحوها ومالت نبرته الى الرجاء: انني لم اعد ذلك الرجل بعد الان.. انني احب فارس لانه حفيدي ولانه جزء منك! انا لن اؤذيه يوما ولن افكر الا بمحبته ومصلحته!
مشت اكثر مبتعدة عنه: هذا لا يهم، لن يغير مافعلته. كيف يمكنني ان اقبل وجودك حوله وكيف يمكنني ان اقبل وجودك حولي؟ كيف اقبل وجود قاتل ومغتصب مختل؟
ارتفع صوت احمد عليها لأول مرة في حياته صارخا: الستِ تعيشين مع مغتصب مختل بالفعل؟ لماذا يكون وجوده مقبولا ووجودي انا، ابوكِ، مرفوضا!!

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن