انخرطت منال في مكالمة فيديو مع فارس.. كان يثرثر لها بحماسة عن ما فعل مع أبيه في اليوم الفائت، حيث اصطحبه يوسف إلى حلبة ضخمة لسيارات السباق الصغيرة فائقة السرعة، ليجرباها معا.
وسط حديثهما دخل يوسف، حيث كان عائدا للتو من زيارته لنادر محملا بشعور غريب، كان يحس أنه مثقلٌ عاطفيا وخفيف في الوقت نفسه..
ناداه فارس: بابا! تعال، هل تكلمتَ مع ماما اليوم؟
كان يوسف ومنال قد اتفقا مسبقا أن يقولا لفارس أنهما يتكلمان يوميا، كي لا يظن أنهما منقطعان خلال السفر.. وهكذا كان يوسف منذ سافرا يهرب دائما من المكان حين يتكلم فارس مع منال، مدعيا أنه قد تكلم معها بالفعل.
هذه المرة لم يستطع يوسف أن يتهرب من النداء.. ابتسم مجبرا نفسه واقترب من فارس، جلس بجانبه وقبّله محيطا جسمه بذراعه، أراح كفه وسط شعر فارس قبل أن ينظر إلى الشاشة في يده.. تأمل منال التي كانت جالسة باسترخاء بجانب بندق، كان عليها بنطال شورت وقميص خفيف بلا أكمام.. بلع ريقه حين غمره اشتياقه لها دفعةً واحدة، لم يرها منذ مدة طويلة.قال محاولا أن يجعل الجو مرحا أمام فارس: كيف حالكِ؟ لاتبدين مشتاقةً لنا!
كانت منال هي الأخرى مضطربة.. فرؤية وجهه لأول مرة بعد كل تلك المدة أصابتها بشعور صعب وغريب.. خصوصا بعد رسالته التي قال أنه يحبها فيها، والتي فاجأتها وتركتها وسط شعور غريب للغاية. وكذلك، منظره ملتصقا بفارس في جلسة كلها راحة وحميمية، بينما كلاهما بعيدان عنها، جعلها تحس بالوحشة.
ابتسمت هي الأخرى وتقمصت دورها التمثيلي بسرعة: كيف كشفتَني؟
تذمر فارس مقاطعا كلامهما: ماما، أرجوكِ تعالي! إنها عطلة نهاية الأسبوع! تعالي يومين فقط!
سكتت منال، كانت في ورطة، تريد أن ترفض، فالمعنى من السفر كان الابتعاد عن يوسف لا الانتقال معه إلى مكان آخر.. ولكن كيف ستبرر رفضها لفارس؟
قالت متلعثمة: اه، ولكن، عندي أعمال كثيرة هنا يا فارس حتى في نهاية الأسبوع! وأنت يجب أن تعود على أية حال فأنت سترجع للمدرسة أخيرا!
انزعج فارس لهذا الجواب غير المقنع: أنتِ دائما تعملين من المنزل، يمكنك أن تفعلي هذا هنا أيضا، ماهو الفرق؟ ثم، مادمت سأعود تعالي واقض هنا يومين ثم نعود معا!
كان هذا ردا مفحما ومنطقيا ولم تجد طريقة لمعارضته، قالت محاربة حتى الرمق الأخير: صحيح، ولكن، بعض الأعمال تتطلب حضوري.. ليس من السهل أن-
قاطعها فارس معاتبا: كيف هذا؟ أنتِ لم تذهبي إلى العمل نهاية الأسبوع في حياتكِ! ماما إذا لم تريدي أن تأتِ أخبريني فقط، لاتكذبي علي.
عضت على شفتها.. حولت نظرها إلى يوسف باستنجاد، ولكن يوسف هز كتفيه معبرا عن قلة حيلته، هو الآخر لم يستطع التفكير بحجة تمنع مجيئها، لقد كان فارس محقا، ليس من مانع واحد.
سحبت منال نفسا عميقا.. قررت أنها ستضحي هذه التضحية من أجل فارس، فيكفي أنها تبعده عنها الآن وستبعده عن أبيه خلال الفترة القادمة..
قالت باستسلام وهي تحس بالندم لأنها رفضت من الأساس وأحزنته دون معنى: ماهذا الكلام؟ بالطبع أريد.. اتفقنا، سآتي!
قفز فارس نصف قفزة: فعلا؟؟؟
: بالتأكيد، سأكون عندك الليلة. ما رأيك؟
التصق فارس بالشاشة سعيدا: رائع! ماما! أنتِ رائعة! شكرا!
ابتسمت منال وهي ترى انفعال فارس الذي جعله بالكاد يتنفس، راقبته وهو يرتخي على كتف أبيه بأريحية بعد حماسه، بينما دعك له يوسف شعره ممازحا وهو يقول بابتسامة: كل هذا لأن ماما ستأتي؟ لم أرك تحتفل هكذا من أجلي من قبل!
ضحك فارس وقال مازحا بخبث مصطنع: لاعليك، أنا مضطر لخداعها كي تأتي!
شردت منال في المحادثة المرحة المخلوطة بالضحكات، لاحظت كم بديا مقربين، تنهدت غير واثقة من شعورها.. إلى أي مدى تطورت علاقتهما في غيابها؟
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...