١١٩

1.1K 42 14
                                    

قطبت هديل حاجبيها بتعجب حين دخلت مالكة النادي الليلي غرفتها بعد أن طرقت الباب.
إن هذه المرأة لا تدخل جهة سكن العاملين أبدا، وهي تشرف من بعيد على سير الأمور دون أن تُظهر نفسها كثيرا، إلا للزبائن ذوي الأهمية الكبيرة والمناصب العالية.
إن الوقت يشرف على آخر النهار، وهذه ليست ساعة عمل، بل وقتا خاصا خارج العمل لهديل مما جعل الأمر أكثر غرابة.

مسحتها المالكة بنظرة قبل أن تقول بصوت هادئ: كيف حالكِ هديل؟
أفلتت هديل الكتاب الذي كان في يدها.. قالت بانكماشها وترددها المعتاد: أنا بخير. هل تحتاجين شيئا؟
مررت المالكة كفها على مقبض الباب، قالت بصوت ثابت خالٍ من المشاعر: يؤسفني ما سأقول الآن، ولكن فترة عملكِ معنا انتهت. احزمي أغراضكِ، كوني خارج المكان خلال عشر دقائق.

تجمدت هديل بصدمة كبيرة.. تلعثمت بغير استيعاب: م... ماذا؟ لماذا؟
أجابتها المالكة بالبرود ذاته: لستُ مضطرة لتبرير الأسباب. إننا نستغني عن خدماتكِ. أريدكِ خارج المنشأة خلال الوقت الذي ذكرتُ، وإلا سأضطر لاستدعاء الأمن وإخراجك بالقوة.
ظلت هديل متجمدة غير قادرة على الحركة.. لماذا كل هذه الخشونة والصرامة فجأة، لماذا تريدها أن تغادر بهذه السرعة؟ لم يبدُ لها أي شيء منطقيا، لقد كانت راضيةً عن خدماتها، وكان الزبائن بشكل عام هائمين بها، لصغر سنها وحداثتها في المهنة.

تمالكت هديل نفسها بصعوبة قبل أن تقول بسرعة موقفةً المالكة عن المغادرة: أنا أعيش هنا، ليس لي مكان آخر أذهب إليه. أمهليني فقط عدة أيام حتى أجد بديلا.. هل هذا ممكن؟
التفتت إليها المالكة بعد أن كانت في طريقها للخارج، قالت ببرود: عندك عشر دقائق، دون نقصٍ ولا زيادة.
أصرّت هديل باستماتة وهي مشمئزة من اضطرارها للترجي بذلك الشكل: أرجوكِ.. أنتِ ترمينني إلى الشارع هكذا، أنا أحتاج ليومين فقط، أرجوكِ!

ارتجفت هديل حين تجاهلتها المالكة تماما وانغلق الباب.. كانت في كارثة كبيرة.. ليس لها مكان تذهب إليه، ليس معها مالٌ كافٍ، وليس لها أحد تلجأ إليه.
باستطاعتها الإقامة في فندق لعدة أيام حتى تبحث عن عمل، ولكنها لا تضمن أن تجد فعلا عملا خلال تلك المدة، والأسوأ من ذلك، ستضيع مدخراتها التي عانت مع أسوأ مهنة في الكون لتجمعها.

استغرقت دقائق عدة كي توقف ارتجافها وتنهض.. لم يكن أمامها حلّ آخر، يجب أن تذهب قبل أن يجرّها رجال الأمن إلى الخارج.
جمعت أغراضها بسرعة في حقيبتها.. لم تكن تملك الكثير.. معظم ملابسها خليعة وغير لائقة وفقا لمهنتها.
تأملت بانزعاج الملابس التي منحتها إياها منال.. تساءلت.. هل عليها أن تطلب منها المساعدة؟
هزّت رأسها بسرعة.. ستحاول أن تجد عملا.. لم تكن تريد الاعتماد على أحد، ولم تكن تريد طلب المساعدة من أحد.. إنها تعاني مع هذا العمل الغبي والمقزز فقط كي تعتمد على نفسها.. كيف لها أن تطلب العون بعد كل ذلك؟

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن