وقف الاثنان في القاعة العملاقة، تلمع فوقهما أضواء الثريّات الكبيرة الفاخرة. وحولهما عشرات الأزواج والشخصيات المرموقة.
أمام إحدى طاولات الكوكتيل الدائرية، التي حملت وسطها مزهرية زجاجية لامعة تحتضن أزهارا نادرة، وقف الاثنان، يتبادلان الأحاديث المختلفة مع زوجين آخرين.
كان يوسف يمسك منال بإحكام ويشدّها إليه.. وكانت كفّه تدلك خصرها بحركة توحي بالعاطفة، لكن منال فهمت جيدا أنه كان يذكّرها بسيطرته.أمسكت منال كأس النبيذ بيدها، كانت بحاجة لأي شيء يخفف عنها صعوبة تلك الليلة، ويمنحها الشجاعة كي تنتقم من يوسف، بأي طريقة.
: إننا لا نراكما كثيرا، إن هذا يعرضكما للكثير من النقد..
قال الرجل مازحا وهو يضرب بخفة كأسه بكأس يوسف: بمناسبة اللقاء بكما أخيرا!
ابتسم يوسف برزانة وهو يحوّل الموضوع إلى السياسة والعمل.. بينما شردت منال وهي تحلل بعمق ما يجري معهما.. كانت تتساءل، كيف ستزعجه، وأيضا، كيف ستفسر له مسألة الحرق وفارس، التي من الواضح أنها توقظ في رأسه كثيرا من المشاكل والشكوك.استيقظت من شرودها حين أحست بيد يوسف تشتد حولها وبشفتيه تلامسان إذنها برقة، في مبادرة بدت للآخرين رومانسية ورقيقة للغاية.. ولكنه همس في أذنها: لا تشردي هكذا.. أنتِ تلفتين النظر.
شدّت منال جسمها، وقبّل يوسف وجنتها قبل أن يخفف قبضته حولها ويبتعد بعض الشيء.تمالكت منال نفسها مباشرة، وانخرطت في الأحاديث مع الآخرين بهدوئها المعتاد..
تجوّلت ويوسف لفترة حول الصالة العملاقة، حيث قدّمها لبعض الأشخاص الذين لم يروها مسبقا، كان من أهمهم وزير الشؤون الخارجية، ووزير الطاقة، وجملة من السفراء في دول رائدة، مما جعلها مع الوقت تحس بالضغط أكثر وأكثر، إذ أنها كانت ترى نفوذ يوسف وسلطته الهائلة، التي لا حدود لها.
جميعهم كانت ليوسف معهم علاقة ممتازة، وكانوا يرحبون بوجوده باهتمام، ويسعون للحفاظ على المودة بينهم. كانت ترى أن مال يوسف قد خلق له مكانة لا تُنافَس وسط السياسيين والقادة، وعلاقاتٍ راسخة مع أقوى الشخصيات في الإقليم، وكان ذلك يذكّرها مجددا أنها لن تتخلص منه أبدا.
كان يوسف يقدّمها لهم وكأنها أثمن شيء في الكون، كان يتكلم عنها بفخر، ويمسك بها بتملّك، ويقبّل شفتيها من وقت لآخر.
كانت تكره يوسف في هذه المناسبات كرها بالغا.. كان يستغل مودّتها الإجبارية نحوه، كما كان يستعملها كأداة كي يزيد قوته ونفوذه مستغلا جمالها الفريد وشخصيتها المتميزة. كانت تعرف أنه لا يزيّف الفخر الذي يغلفه وهو يقدمها للآخرين، كان ينتشي بحيازته لها، كان يحس أنه يملك كنزا ثمينا أو تحفة نادرة لا يملكها أحد آخر، وكان ذلك الشعور يصيبها بالغثيان.تصرفت بمثالية طيلة الليلة متحيّنة فرصتها التي ظهرت فجأة.. فبعد أن فرغا من جولتهما حول المكان وعادا إلى طاولتهما، مر بهما رجل كانت قد رأته عدة مرات.
كان واحدا من أهم التجار في البلاد، وكان قد ورث هذه التجارة بعد وفاة أبيه منذ سنين. كان أنيقا، شابا، له ملامِح فطِنة وسلوكٌ لعوب، وكان مفتونا بها دائما، ولم يكن يحاول إخفاء ذلك.
كانا يلتقيان منذ مدة طويلة في هذه المناسبات، منذ بلغت سنا كان يسمح ليوسف بأخذها معه علنا إلى هذه الأماكن. وكانت تذكر والد هذا الرجل، الذي كانت تجمعه علاقة جيدة مع يوسف شخصيا وتجاريا.
ابتسم ابتسامة واسعة حين تقدم منهما.. قال بصوت مخملي وهو يمسك كفّها ويقبّلها بنعومة: فاتنةٌ كالعادة يا سيّدتي..
زفر يوسف.. لم يكن يطيق ذلك الرجل وسلوكه الخبيث وتلميحاته المزعجة.. ولكنه ابتسم ابتسامة باردة وهو يصافحه: أهلا بك..
صافحه الرجل، الذي كان يدعى ليث، وقال مبتسما: أهلا وسهلا.. أنت محظوظ جدا يا سيد يوسف.. لا أملك إلا أن أحسدك في كل مرة نلتقي بها.
رفع يوسف حاجبيه ببرود ليتابع ليث: برفقتك أجمل نساء الكوكب، أتساءل كيف استطَعت الإيقاع بها والاحتفاظ بها لنفسك.
ابتسمت منال وقالت بمودّة زائدة متعمدة إزعاج يوسف: أنتَ تحرجني، إنك معسول اللسان كالعادة. لعق يوسف شفتيه وهو يشد ذراعيه حولها ويقول بصوت جامد: إنه حسن الطالِع كما قلتَ. أنا محظوظ للغاية.
استند ليث بذراعيه على الطاولة وقال بصوت موسيقي: آه.. عليكَ أن تحافظ عليها جيدا.. أنتِ فريدة جدا يا منال.
مرر يوسف لسانه على شفته.. لاحظ كلاهما أن ليث تعمّد ذكر اسمها بلا ألقاب. كان يعرف هذا الرجل جيدا، إنه يحب هذه التعليقات ويتسلى بها، ولم يكن ليسمح له بأن يجرّه في تلك اللعبة الطفولية.
قال ببطء مستفز وهو يمرر يده من خصر منال ليداعب ظهرها، ثم كتفها، ثم ذراعها، ثم يمسك كفها بنعومة: سأتذكر هذه النصيحة جيدا.
اتسعت ابتسامة ليث لذلك التحدي الخفي الذي كان يحذره ليبتعد، ودّعهما وانشغل بالحديث مع أفراد آخرين حول الطاولة.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...