حاول يوسف أن يغيّر وضعيته في النوم، ثم عاد ليستلقي على ظهره منزعجا حين لم يفلح بسبب ضيق الكنبة. مرر كفه على رأسه بتعب حين ضربه صداع شديد..
كتم سعاله بصعوبة وهو يحس بوخز حاد في صدره، لم يكن يحب أن يسعل، ولذلك منع نفسه بصرامة.
فتح عينيه بصعوبة، كان رأسه يدور، وكان يتنفس بالكاد.رمش عدة مرات حتى اتضحت الرؤية أمامه.. كان مغطى بعدة ألحفة. على جبينه قماش مبلل وفي كفه إبرة متصلة بكيس محلول فارغ.
أبعد عينيه قليلا ليرى أن منال كانت متكورة على الكنبة المفردة المجاورة له، وكانت ملتفة ببطانية ونائمة وهي جالسة.
زفر انتزع الإبرة ببعض الخشونة عن كفه مخلّفا جرحا، وحاول بصعوبة أن يعتدل جالسا ولكنه لم يفلح.. دار كل شيء حوله ثم أرخى رأسه إلى الخلف من جديد وأخذ يسعل بشدة وهو يحس أن رئتيه تتمزقان وحنجرته تحترق.فتحت منال عينيها بقلق على صوت سعال يوسف الخشن والحاد.. رمشت عدة مرات ونظرت إليه، كان يغطي وجهه بذراعه ويجاهد كي يكتم سعاله دون فائدة.
نهضت من مكانها، أحضرت كوب ماء وعادت إليه بسرعة..: يوسف، خذ.
استجمع يوسف كل قوته كي يتوقف عن السعال.. التفت إليها وقال بصوت مبحوح: ابتعدي عني.
قطبت حاجبيها منزعجة من الرد الحاد.. قالت بضيق: خذ الماء يا يوسف، لا تتدلل!
أغمض يوسف عينيه محاولا السيطرة على غضبه.. لم يكن بخير.. كل خلية في جسمه كانت تؤلمه، عيناه كانتا تشتعلان، وكان يحس أنه غاضب وجاهز ليُستفَز. والأسوأ من ذلك كله، كان يحس بغضب كبير على منال. لم يكن واثقا لماذا، فهي لم تفعل له أي شيء، بل على العكس، كانت قد تصرفت مع دناءته وتفاهته في المستشفى بكثير من الهدوء والتفهم. ولكنه كان قد أحس بالرفض في صوتها وتصرفاتها، وكان يحس بتأنيب ضمير كبير لما فعله معها، لم يكن ليتركها تساعده بعد كل ذلك.تحامل على نفسه محاولا أن ينهض كي يبتعد عنها، أحس بكل شيء يدور به. عقدت منال حاجبيها وقالت بحدة: إلى أين تظن أنك ذاهب؟ هل أنت غبي؟ ابق مكانك، وسأذهب أنا إذا كنت تكره وجودي لهذه الدرجة!
صر يوسف على أسنانه وجلس وهو يمسك برأسه بشدة.. غمغم في محاولة فاشلة للصراخ: اخرسي يا منال! ألا تفهمين؟
رفعت منال حاجبيها.. تنهدت تنهيدة عميقة وهي تحس بأنها أضاعت وقتها وجهدها في عنايتها به بالأمس. كانت تعرف أنه يتصرف بدناءة لأنه يحس بالذنب، ومع ذلك، لم تكن لتتحمل هذا الأسلوب.ابتعدت عنه عدة خطوات، استندت بظهرها على الجدار وراقبته ببرود وصمت فيما حاول مجاهدا أن ينهض عن الكنبة.
ما إن وقف ومشى خطوتين، أحس بكل شيء يدور به، اتسعت عيناه محاولا أن يتوازن وبحث عن أي شيء يستند عليه.. كانت هي الشيء الأقرب له، وفي حركة غريزية وتلقائية تقدم خطوة محاولا أن يستند عليها كي لا يسقط، ولكنها وبكل برود ابتعدت عنه خطوة.
سقط يوسف إلى الوراء ثم على الأرض، أمسك في اللحظة الأخيرة الأريكة واستند عليها خلال سقوطه كي يخفف أثر التصادم. وأخيرا جلس مرخيا ظهره على الأريكة نفسها فيما هو على الأرض.

أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...