١١٥

1.9K 74 26
                                    

صباح الخير..
أعتذر على التأخير، شكرا لكل من ينتظر، وشكرا لكل من علق أو كتب رأيه، كل تعليق دائما محل اهتمامي.
قراءة ممتعة : )

وقف يوسف ومنال أمام باب فارس.. مدت منال يدها لتطرق الباب، استوقفها يوسف بلمسة على ذراعها..
التفتت نحوه.. قال بصوت ناعم: دعيني أتكلم معه وحدي.. ما رأيكِ؟
قطبت حاجبيها: لماذا؟
: لأنني الذي أفسدتُ الأمور في السيارة، أشعر أننا سننتفع بقضاء بعض الوقت وحدنا، سيكون هذا أكثر فائدة. كما أنه.. تعرفين.. بسبب انزعاجه منكِ، أريد أن أتكلم معه عن ذلك وأحلّه.
أحست منال بالتوتر..: كيف ستحل ذلك الموضوع؟ قلتُ لك، لا أريد أن تناقشه فيه!

أمسك يوسف بكفها.. نظر في عينيها وقال بجدية: ثقي بي. حسنا؟ دعيني أتصرف.
رمقته منال باضطراب.. في تلك المسألة تحديدا لم تكن واثقة أن عليها الثقة به، كانت تخشى أن يدافع عنها بتصوير نفسه بطريقة سيئة، وهذا ما لم تكن تريده. كانت تريد أن يكون لفارس أبوان يحبهما، لم تكن تريد أن يكون أي منهما شريرا في عينه.

مرر يوسف سبابته على حاجبها محاولا فكّ تقطيبتها.. قطبت حاجبيها أكثر ما إن فعل ذلك.. قال وهو يدلّك بإبهامه كفها: دعي الأمر لي. لا تكوني أمًا عزباء كالعادة، جربي أن تتركي لي المسؤولية بخصوص فارس، أنت لا تفعلين هذا أبدا!
مصت منال شفتها السفلى بتردد وهي تطيل تأملها لوجهه.. قالت باستسلام: حسنا.. ولكن.. أرجوك.. لا تحسن علاقته بأحدنا على حساب الآخر.
ابتسم يوسف شبه ابتسامة وقال وهو يفلت يدها: اتركي المسألة لزوجكِ.

عبست، لم يكن يدعو نفسه عادةً "زوجها" إلا في السياقات الرسمية.. لم يكونا يستعملان هذه التسمية في حياتهما اليومية أو حين يكونان وحيدين.
راقبته يطرق الباب بخفة ثم يدخل دون انتظار رد، وأغلق الباب خلفه..
تنهدت بتعب، تثاءبت إذ أنها لم تنم مايكفي ليلة الأمس، ذهبت إلى غرفتهما، رمت نفسها على السرير بإرهاق.. ودون أن تحس كانت تغط في النوم.

__

دخل يوسف على فارس.. أغلق الباب خلفه وظل واقفا في أول الغرفة.
رفع فارس عينيه على أبيه.. كان جالسا على سريره وفي يده قصة مصورة. ولكنه لم يكن يقرأ.. قبل دخول أبيه كل ماكان يفعله هو التحديق بالكلمات والرسوم بينما تُعاد أحداث ذلك اليوم في رأسه بشكل متكرر..

لا يعرف ماذا كان يريد حين أشعل الحريق.. أراد أولا أن يُغضب أبويه وينتقم منهما، وأراد ثانيا أن يفرغ غضبه هو.. أراد أن يتخلص من ذلك الغضب الشديد الذي يتأجج في داخله دون مخرج.. لم يكن يواجه أبويه بأفكاره عنهما، ولم يكن حوله أحد آخر يفضي له.. ولهذا، كان غضبه دائما مكتوما مكوّما بداخله. ولسبب ما، أحس أن تسبيب مشكلة كتلك، وإيذاء الآخرين، أحس أن ذلك سيريحه.
بالطبع، كانت هذه تحديدا المشكلة النفسية التي ترعب منال ويوسف وتقلق الطبيبة، كانت هذه هي المشكلة التي حرصت منال على تلميع مظهر يوسف أمام فارس لأجلها طيلة عمره، ولكن، ورغم كل تلك الجهود، استطاع نمط حياتهم أن يُنشئ بذور الاضطراب النفسي في داخل فارس.

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن