*قبل سنين عديدة*
=
تأمل يوسف منال التي تبدو كالشبح..
كانت جالسة على الشرفة، سارحة في اللاشيء كعادتها خلال الفترة الأخيرة كلها.. لقد عادت منذ فترة قصيرة من المستشفى بعد محاولتها للانتحار، بعد الفترة البائسة التي قضاها يحاول تصحيح غلطة اعتدائه الجنسي الأول عليها باعتداءات أخرى حتى أصابها بالجنون..
زفر بضيق شديد وهو يلاحظ السواد تحت عينيها ونحولها المخيف.. لا يتذكر متى آخر مرة سمع صوتها، فهي لم تنطق منذ أن لمسها لأول مرة.أحست بدخوله، شدت لحافها عليها ولم تلتفت.. لقد كان وجوده يؤذيها للغاية، ولكنه لم يكن يخيفها، فهو لفرط رعبه من فقدها ولفرط إدراكه لبشاعة فعلته كان يعاملها برقة بالغة، وكأنها زجاجة توشك أن تنكسر.
اقترب منها، مسح على شعرها وقبّل جبينها.. انكمشت أكثر ولم تنظر إليه.
كان يلاحظ كم لمساته تؤذيها، ولذلك ابتعد، وضع أمامها كوبا وقال بنعومة وهو يسحب كرسيا ليجلس: أعددت لك شايا.
لا رد.. تنهد بتعب.. صارت وكأنها عائمة وسط الماء طوال الوقت، وكأنها في عالم آخر، لم يكن يعرف كيف يصحح خطأه، لم يكن يعرف كيف يرجع بالزمن. كان خائفا للغاية لأنه لا يرى وسيلة للتراجع.راقبها وهي تمد يدها ببطء وتمسك كوب الشاي بكلتي كفيها بقوة، مما أنبأه بشعورها بالبرد..
: مرّت ستة أشهر منذ ذهبتِ للمدرسة.
هذه المرة نظرت إليه مطولا.. بلع ريقه بخوف حقيقي حين التقت عيناهما.. حين أدرك أكثر شناعة فعلته بأكثر من يحب على وجه الأرض. كما أنه فهم جيدا فحوى نظرتها.. كانت تريد أن تقول: بل مرت ستة أشهر منذ اغتصبتني.
لقد كان ذلك المعنى واضحا في عينيها.. وهذا زاد خوفه..
عادت لتطلق نظرها في حركة السيارات والناس في الخارج.. أحست بأنها تختنق، لا تطيق هذا المكان، ولا تطيق الحياة، ولا تطيق كل ثانية تمر عليها.راقبها بقلق حين بدأت كفها ترتجف، وحين بدأت تضغط بشدة على الكوب بين يديها.. بدت وكأنها تختنق.
دلك رقبته بعصبية قبل أن ينهض، ويعود بعد لحظات بحاسبها المحمول. فتح المفكرة في الحاسب وضعه أمامها، نظر إليها وقال بجدية: تكلمي. أرجوكِ.
نظرت إليه، ثم التفتت عنه مجددا.. زفر بتعب، هذا التجاهل من جديد..
سكت.. وقرر أن يتركها وشأنها.مضت الأيام على ذلك الحال.. لم يكن يلاحظ عليها خوفها المعتاد منه ولم تكن تتجنب وجوده، كانت مستسلمة لكل شيء، إلا أنها كانت تنكمش بشكل ملحوظ حين يأتي وحين يلمسها.
كان من المضحك أن خوفها منه تقلص بكثير منذ أن حاولت الانتحار، ليس بسبب أي تغيير في فكرها، وليس بسبب الصدمة، وإنما لأنها كانت واثقة أنه لا يجرؤ على إيذائها أذى كبيرا، إنه خائف من خسارتها ويريد فقط أن يعتني بها ويجعلها تتحسن.
هي تعرف أنه لازال سيؤذيها حين يحتاج، وسيجبرها على طاعته بالقوة، ودون شك لم يختف خوفها منه بالكليّة، ولكنها تعرف أن أذاه لها سيكون الآن محدودا جدا، وفقط متعلقا برغبته في إجبارها على فعل أشياء لمصلحتها. سيؤذيها حين يكون الأمر ضروريا في نظره، وليس كي يتسلى مثل عادته.
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...