٦٧

1.2K 51 8
                                    

دخل المكان الذي يقصده عادةً..  بيت الليل الأرقى في المدينة. تأمل الإضاءة الخفيفة المائلة للون الأحمر، الرائحة الطيبة وصوت الموسيقى الخفيف.
كان يحب ذلك المكان، فهو يطابق معاييره من جميع النواحي.. النظافة الهوسية الدقيقة، فتياته المفضلات، العناية الصحية، زبائن أثرياء من الطبقة العليا، وحتى الديكور.
كان بحاجة ماسة للاتصال الجنسي، وكان واثقا أن منال لن تمنحه له، وحتى لو منحته له، كان يخشى أن يؤذيها.. لازال تحت تأثير شعوره الكئيب، وهو ليس في مزاج لجنس رقيق أو عاطفي.

رحبت به المرأة التي تدير المكان.. لقد اعتادت عليه. أجاب التحية وهو يسأل مباشرة: ليلى. هل ليلى متفرغة؟
أجابت المرأة وكأنها تتوقع سؤاله: إنها مشغولةٌ مع الأسف، أحد الزبائن يريدها للساعتين القادمة.
: لا بأس، سأدفع الضعف، أريدها أنا.
تنهدت..: ليس الأمر بهذه البساطة يا أستاذ يوسف.. أنا أدير عملا هنا، لايمكنني أن ألغي حجزا بناء على طلب شخص آخر. سنخسر زبائننا هكذا.
امتعض يوسف وقال بتملل: سأدفع ثلاثة أضعاف.. اختلقي له عذرا، قولي له أنها مريضة. من فضلكِ، تدبري الأمر.
سكتت لحظات قبل أن تقول يائسة: حسنا، سأرى ماذا يمكنني أن أفعل. ولكن لاتعتد على هذا!
ابتسم شبه ابتسامة: شكرا لكِ!

دخل غرفةً متاحة.. رمى سترته بلا اهتمام على السرير.. ثم جلس على الكرسي مطلقا آهة، أشعل سيجارته واسترخى.. سمع طرقاتٍ ضعيفة على الباب، دخلت بعدها فتاة نحيلة وصغيرة الجسم يراها لأول مرة.. حين تأملها قدّر أن عمرها يستحيل أن يزيد عن عشرين عاما.
كانت مطرقةً، والتوتر بادٍ عليها.. أغلقت الباب خلفها وتقدمت منه.. همست دون أن ترفع عينيها: مساء الخير ياسيدي.. أنا هديل.. أرسلتُ كي أرافقك حتى تأتي ليلى.

قطب حاجبيه.. سأل بقلق: كم عمركِ؟
ارتبكت قليلا قبل أن تجيب: ثمانية عشر يا سيدي.
انزعج.. ثمانية عشر؟ إنها تصغره بمايقارب عشرين عاما. لم يكن يحب أن يرى فتيات بهذا الصغر في أماكن كتلك. ذكّره مظهرها وحركاتها بمنال حين كانت في عمرها كثيرا.
: لماذا أنتِ متوترة هكذا؟ هل هذه مرتكِ الأولى؟
رفعت رأسها وقالت وهي تحاول محاولاتٍ واضحة أن تبدو أكثر شجاعة: أعتذر.. لا.. أنا جديدةٌ بالفعل ولكنها ليست الأولى.

فرك يوسف عينيه متضايقا.. كان في معضلة كبرى.. فهو لم يكن يريد أن يزعج هذه الفتاة التي تكاد تكون طفلة بالنسبة له.. وفي الوقت نفسه، تصرفاتها الضعيفة، خضوعها هذا، كان بالضبط مايحتاجه، كان يثيره إلى درجة قصوى. إنه الشيء الذي يؤذي منال كي يحصل عليه.
إنه لايحصل عليه كذلك عادةً هنا.. فالفتيات اللاتي يتعامل معهن، وليلى تحديدا، لم يكن هذا نمط تصرفاتهن. لم يعاملنه مطلقا وكأنه الرئيس، أو وكأنه يستأجرهم ويديرهم. لم يكنّ ضعيفات، بل كانت لهن شخصيات قوية.. وكانت لليلى بالذات شخصية لعوبة وذكية حتى منذ صغرها، منذ كانت في عمر هذه الهديل، وهذا لم يسمح له أن يشعر بالتفوق عليها إطلاقا. ولم يمانع هو هذا ولم يهتم به بل كان يفضّله.. فهو مايجعل حياته الجنسية خارج المنزل سهلة وعملية، وهو ماكان يمنع عنه تأنيب الضمير حين يستفيد من خدمات الجنس المقدمة له..
أما هذه الفتاة التي توشك أن تصاب بالدوار لفرط توترها، وتناديه بكلمة "سيدي" التي أثارته بجنون كل لحظة، كانت مختلفةً.. لقد كانت تمثل الاستسلام الذي يتلذذ به حين يكون في مزاج كمزاجه الآن. ومع ذلك، أحس بالذنب حين فكر أنه سيستغل هذا.

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن