٩٥

1.1K 57 6
                                    

دخل يوسف البيت، ترك عكازه بجانب الباب وخطى إلى الداخل بخطوات بطيئة محاولا أن لا يؤلم قدمه.. كان يحس أنه مضطرب.. طنين مزعج كان يرن في أذنه وشعور بالخفة والدوار معا يغزوان رأسه.. لقد وصل تأثير الإبرة إلى ذروته..
كان البيت مظلما وهادئا، دخل غرفة المعيشة وهاجمه قلقه من الأماكن المغلقة مجددا، توجه بسرعة إلى الشرفة وفتحها.. بعد ذلك مشى إلى غرفة النوم باحثا عن منال..
حين دخل غرفة النوم المضاءة، وجد منال جالسةً على السرير..
في اللحظة التي رآها بها عاد له شعوره الذي راوده بعد أن أفاق من كابوسه هذا اليوم.. فرؤية منال ذكرته أن باستطاعته شفاء نفسه عن طريق الشعور بالقوة من خلالها.. شعور مظلم وقاتم قد سيطر عليه.. شخصيته التي ظهرت مع هديل منذ أقل من ساعة، شخصيته التي يعامل فيها منال الفترة الأخيرة كلها، محيت وذابت، وذلك الوحش في داخله كان يظهر أنيابه..
كانت ملتفة باللحاف، أمامها صندوق كرتوني مفتوح لم يميز مافي داخله، وفي يدها سيجارة كهربائية..

رفعت عينيها عليه حين دخل.. أبعدت الصندوق إلى جانبها ونظرت إليه من أعلاه لأسفله..
كان واقفا أمام الباب دون حركة، عليه ملابسه السميكة ووشاحه الذي غاص وجهه فيه حتى ذقنه.. لم يكن وجهه يبدو مريحا.. رأت نيةً سيئة على وجهه.. ثم فهمتها أكثر حين رأت الانتفاخ بين فخذيه..
كما عرفت مباشرةً أنه ليس في وعيه، شيء ما يجعله منتشيا.. كان ذلك سيئا للغاية، فيوسف الذي يحبها ويهتم بمشاعرها يختفي وقت الانتشاء ويغيب مع وعيه ليحل محله يوسف الأناني المجنون.
قال بصوت بارد: منذ متى تدخنين هذه الأشياء؟
أجابت وهي تدفع الصندوق أكثر جانبا: منذ بدأ فارس يلاحظ كل شيء في هذا البيت.. السجائر العادية لها رائحة نفاذة على عكس هذه.
تقدم إلى الداخل وقال وهو يرمي سترته ووشاحه على الأريكة: أذكر أنني قلتُ بوضوح أنني لا أريدك أن تدخني.
مصت شفتها وابتسمت هازئة: كنت أنتظر.. أنتظر اللحظة التي ستنتقم فيها مني.. تريد التذرع بالتدخين كي تبدأ، لا بأس.. افعل ماشئت.
احتدت نظراته العالقة عليها.. ثم ذهب إلى النافذة الكبيرة المؤدية للشرفة وفتحها فتحة صغيرة حين انزعج من ضيق المكان مرة أخرى..
قالت بانزعاج: ماذا تفعل؟ الجو بارد!
لم يجبها، ولكنه أسدل الستائر البيضاء الخفيفة فوق الجزء المفتوح من النافذة..
أحست بالقلق.. لماذا قد يسدل الستائر إذا لم يكن يحتاط لإخفاء ماسيحصل في هذه الغرفة عن الخارج؟

التفت عن النافذة ونظر إليها مرة أخرى.. خلع عنه كنزته ورماها ليبقى عاري الجزء العلوي..
لاحظ أنها تحركت لتنهض حيث خفضت قدميها عن السرير إلى الأرض، تعجل في سيره وخلال ثوان كان يقف أمامها مانعا إياها من النهوض..
رفعت بصرها إليه، ابتسم وقال: إلى أين تذهبين؟
أصابتها قشعريرة لابتسامته الخبيثة التي أظهرت سوء نيته.. قالت وهي تنهض: قلتُ أنني أعرف أنك سترغب في الانتقام مني على مافعلتُ ليلة أمس، لم أقل أنني سأجلس وأنتظرك حتى تفعل.
قطب حاجبيه ودفعها من كتفها بخشونة لتجلس من جديد.. عضت على شفتها بألم سرى في كتفها إثر دفعته..
قال بجدية: سنتكلم عن ليلة الأمس لاحقا، ليس الآن. -أمسك بخشونة معصمها ثم أرخى كفها بالقوة على موضع عضوه من فوق البنطال- سيكون علينا أن نحل مشكلتي هذه أولا.
قطبت حاجبيها وسحبت معصمها منه بقوة: أفلتني يا يوسف!!
شد عليها أكثر وألصق كفها بعضوه مانعا إياها من الإفلات، زجرها بعصبية: لست أريد إيذاءكِ فلاتقاوميني!!
صرخت بعصبية: لا تريد إيذائي؟ أليس الاغتصاب إيذاءً أيها المعتوه؟
عض على لسانه ولوى معصمها الذي في يده قبل أن يصرخ هو الآخر: ألم أحذركِ من هذا اللفظ يا منال؟؟ ألم أفعل؟
أنّت بألم شديد إذ كان معصمها الذي يمسك به معصمَها المصاب، والذي لايزال في حالة سيئة، ولم يكن ينقصه المزيد..
أحست بالغضب يفور منها، لم تكن في مزاج تتحمل معه الأذى.. وبحركة لم يتوقعها ضغطت كفها أكثر نحو عضوه ثم أحكمت قبضتها عليه وعصرته بحركة عنيفة ومؤلمة.. شهق يوسف متألما وأفلتها دافعا إياها عنه قبل أن يتراجع عنها عدة خطوات..
دلكت معصمها ووقفت قبل أن تغمغم: ابتعد عني! هل تفهم؟ ابتعد عني!!
قال بحقد وهو يخلع حزامه عن بنطاله: لقد أخطأتِ خطأً كبيرا وغبيا.. تعرفين أنني لا أتحمل الاستفزاز وقت الإثارة!
تراجعت إلى الوراء مبتعدة عنه وهي تبحث بعينيها عن أي وسيلة تدافع بها عن نفسها ما إن رأت الحزام في يده.. فلطالما كان الحزام واحدا من أدوات يوسف المفضلة للترويع والأذى.. خصوصا إذا كان خارج وعيه..
ولكن يوسف رمى الحزام جانبا.. عرفت وقتها أنه ليس مهتما بإيلامها وإنما كان مهتما بالحصول على اللذة الجنسية منها..
رمى يوسف بنطاله كذلك ليصبح عاريا إلا من بنطاله الداخلي القصير.. تقدم منها بخطوات واسعة ليقبض على عضدها أخيرا.. دفعته من صدره باستماتة: ابتعد عني أيها الملعون! اتركني! أقسم أنني سأقتلك يايوسف!!
شدها إليه وهو يتنفس بحدة.. ميل نظره بين وجهها وبين يدها التي على صدره وقال باستفزاز: تحاولين دفعي بهذا المعصم؟ فعلا؟ يبدو لي وكأنكِ تدغدغينني..
جزت على أسنانها بقهر.. فمعصمها السليم هو معصم يدها المأسورة في يده، أما معصمها المصاب فهو الذي كان تحاول محاولات فاشلة أن تبعده باستعماله.. وهذا الوقح يسخر منها وكأنه ليس السبب في إصابته!
أغمضت عينيها وقالت بصوت مهزوز: سأقاومك يا يوسف، لن أتركك تفعل ماشئت بدافع الخوف كالعادة، سأقاومك حتى لو تفتت معصمي، ولهذا، اتركني! دعني وشأني!
سكت لثوانٍ.. جعلها هذا الصمت تأمل أنه يفكر بكلامها فعليا.. ولكنه شد قبضته على عضدها أكثر شدةً تجعل إفلاتها مستحيلا، وبكفه الأخرى أمسك بفكها وثبت نظرها عليه قبل أن يقول ببرود: تذكرين.. هناك وضعيةٌ معينة كنتِ تكرهينها للغاية.. لقد رفضتِ دائما هذه الوضعية خلال الجنس، ولقد راعيتُ رفضكِ هذا ولم أجبركِ عليها.. تذكرين؟
اصفرّ وجهها لفرط القلق.. بالطبع تذكر.. لقد كان يحاول إقناعها بتلك الوضعية لسنين خصوصا في أول الفترة التي صار الجنس بينهما فيها اعتياديا وصارت متعته متبادلة، ولكنها أوضحت نفورها الشديد منها إذ كانت تحس أنها وضعية مهينة، وبمعجزةٍ ما قرر أنه لن يجبرها عليها وقتها..

يومٌ لا نهايةَ لهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن