تأمل يوسف السقف ببلادة بعد أن أفاق ملاحقا بعينيه خطوطه وزخارفه.. لفّ رأسه ببطء إلى منال.. كانت عاريةً، يغطي اللحاف جسمها حتى أسفل كتفيها.. نائمة نوما عميقا على جنبها بمواجهته.. أنفاسها منتظمة وهادئة. ومعصمها لايزال مربوطا بمعصمه.
لم يرد أن يفسد نومها فأرخى يده دون حركة.. نظر إلى الساعة، لقد حل الفجر.
لم يكن يذكر الكثير من ليلة الأمس.. لا شيء إلا لقطاتٍ متقطعة.. ولكن منظر منال كان يكفي ليعرف كيف سارت الليلة.. فكدمة فظيعة على وجهها، وعلامات بنفسجية بسبب أصابعه على معصميها الذي كان أحدهما بالفعل متورما من قبل بسبب ضغطه عليه منذ يومين، وأخرى على رقبتها، هذا دون أثر العض المدمى على رقبتها وسبابتها.
زفر بضيق شديد.. كيف انتهى به الأمر لإيذائها هكذا؟ لم يكن يخطط لهذا، حتى بعد خروجه من عند أحمد، لقد عاد إلى المنزل لأنه ظن أنه هدأ.فتحت هي عينيها شيئا فشيئا لتتضح أمامها تدريجيا صورة وجهه الذي كان يتأملها بنظرة تعيسة.. حيث كان مستلقيا على جنبه هو الآخر بمواجهتها، عاريا إلا من بنطال قصير.. تنهدت ولمحةٌ سريعة من كابوس الأمس عادت إلى مخيلتها.. أغمضت عينيها من جديد غير راغبة في رؤيته..
اقترب منها، قبل جبينها وهمس: صباح الخير..
تحركت بتثاقل لتنهض، ولكنه شدها بحركة ناعمة إلى صدره ليدفن وجهها فيه.. مرر كفه على شعرها وقال بصوت خافت: ابقِ قليلا.. من فضلكِ.
ارتخت في حضنه بكسل.. ليس وكأنها كانت تريد النهوض.. فهي في حالة نفسية فظيعة ولا طاقة لها لمواجهة الحياة.. إن البقاء في السرير حل أسهل وأفضل.
تمتمت وهي تنكمش إلى جسمه: أحس بالبرد..شد اللحاف ليغطيها أكثر.. وبدأ بيده الدافئة يدلك جسمها الذي كان شديد البرودة.. مسح بنعومة على طول ذراعها، وحرك أصابعه بحركة رقيقة من أعلاها لأسفلها.. قال بصوت هادئ رخيم وهو يضم جسمها إليه أكثر..: لا تحسي بالبرد في وجودي يامنال.. دائما سأدفئكِ.. دائما..
أغمضت عينيها وهي تحس بالحرارة الصادرة عنه تنتقل إليها.. ومع ذلك.. كلماته ووجوده كانا مصدر برد فظيع في داخل قلبها.
ساد صمتٌ.. ارتخى الاثنان دون كلام.. حلّ الوثاق الذي كان يربط معصميهما.. كان يقبل شعرها بين الفينة والأخرى ويداعب جسمها بكفه بحنان بالغ.. بينما عبثت رؤوس أصابع كفه الأخرى على رأسها المرتخي على كتفه بهدوء..
بعد دقائق.. وصله صوتها الهامس: أنا متعبة..
حرّكها بخفة ليرى وجهها.. أغمضت عينيها.. مسح على وجنتها بظاهر كفه وتمتم: هلا نظرتِ إلي؟
قالت بصوت هادئ..: لا.. يوسف.. إذا رأيتك سأتذكر ماذا أنت.. وسأضطر للنهوض. لا أريد أن أنهض. أنت دافئ.. والسرير دافئ.. وحضنك مريح وحنون. دعني أنسى. من فضلك.تنهد بضيق وسكت.. أرخت نفسها من جديد في حضنه دافنةً وجهها في كتفه وهي تشتم ضعفها الذي يجعلها بحاجة ماسة لأي شكل من أشكال الحب والأمان بعد كل ذلك الاستهلاك النفسي.. يكون يوسف دائما عاطفيا بعد جرائمه.. لطالما استفادت من هذه العاطفة.. ولامت نفسها على ذلك لاحقا.
ولكنها لم تكن وقتها في حال يسمح لها بمحاربة نفسها.. فهي مجهدة جدا.. وهو دافئ للغاية.
عاد ليمرر كفه على شعرها.. قال بصوت خفيض: لم أكن في وعيي.. تعرفين..
انزعجت.. كررت برجاء: لاتتكلم عن هذا.. قل أشياء حسنةً فقط. لنتظاهر أننا زوجان عاديان. خمس دقائق وحسب.
سكت.. استلقى على ظهره وأراحت هي رأسها على كتفه وأحاطها بذراعه.. أمسك بين كفيه كفها وبدأ يدلّكها.. يعبث بها ويلاحق بأصابعه خطوطها شاردا.. أرخت كفها تماما بين يديه وسمحت له بفعل مايشاء مسترخيةً وهي تتابع حركات يديهما بعينيها..
قبّل كفها مرة تلو مرة.. ثم أخذ برقة يصعد بقبلاته على ذراعها.. بدا مغتبطا وراضيا وهو يمسح بكفيه على ذراعها ليدفئها ثم يقبّل كل نقطة يلمسها ببطء وهدوء..
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...