سحبت نفسها من السرير وهي تتأمل النافذة العملاقة المقابلة له، والتي عرضت شروق الشمس البديع من وراء النهر..
لم يكن يوسف أو فارس في الغرفة.. تعجبت لأنهما أفاقا دون أن تحس بهما، أدركت أنها نامت بعمق شديد بعد المجهود الجسدي الذي بذلته ليلة أمس.
تنهدت مهمومةً حين تذكرت الأمس.. مررت يدها على صدرها بحركة لا شعورية حين أحست باضطراب في نبضها.. لقد عاد يوسف ليعبث بشعورها وباحتياجها له، الاحتياج الذي يشبه المرض المزمن منذ طفولتها. أغمضت عينيها وذكرت نفسها بصرامة كم تكرهه.. أجبرت نفسها على استعادة أقسى ذكرياتها معه.. أبرزها كان حادثة الاغتصاب الأولى.. مجرد تفكيرها بهذا جعلها ترتعش وتحس بالغثيان، لقد نجحت في تنشيط حقدها عليه.اغتسلت وخرجت إلى غرفة المعيشة التي كانت معظم جدرانها زجاجا.. سمعت صوت فارس ويوسف من المطبخ مرحا وصاخبا.. تنهدت وتقدمت من هناك ببطء..
استندت بكتفها على دعامة الباب وتأملت.. كان فارس جالسا على سطح دولاب المطبخ الرخامي ليصبح مستوى رأسه موازيا لكتف يوسف، يوسف يقف بجانبه، على الرخام كان طبق، كان فارس يكسر بيضًا بداخله، ويفشل كل مرة في منع القشور الصغيرة من التساقط داخل الطبق، يؤنبه يوسف ضاحكا ويريه الطريقة من جديد، يقبله ثم يمسكان بالمغرفة معا ليخفقا البيض، يعلمه يوسف ببطء طريقة الخفق الصحيحة، يلتصق به فارس أكثر ويراقب حركة يده بتركيز ثم يبدأ بتقليده.
كانا منسجمين تماما لدرجة أنهما لم يشعرا بحركتها.. راقبت منال فارس الذي ضحك على تعليق قاله أبوه لدرجة أن عينيه دمعتا لشدة قهقهته.. ثم حولت عينيها على يوسف الذي كان يضع عليه بنطالا قطنيا طويلا وقميصا بلا أكمام، كان مبتسما وعيناه تبرقان بحنان كبير.. كان يبدو مرتاحا، لغة جسمه توحي بالانفتاح والارتياح بقرب فارس.. تأملته أكثر، وعرفت مباشرة أنه كان حزينا، إنها تقرؤه بسهولة بالغة، ويمكنها تمييز تعاسته تحت قشور المرح التي كان يضعها لأجل فارس.. تساءلت إن كان سبب تعاسته ذاته السبب الذي يجعلها الآن تحس بالشعور نفسه.
شدت معطفها حولها وتساءلت هل هي تملك القوة الكافية في هذه اللحظة لتمثل أنها على ما يرام ولتنخرط معهما في هذا المشهد السعيد؟
انتفضت مفيقة من شرودها حين سمعت فارس: ماما!!
لم يكن لها مفر.. لن تحزن فارس، هذا كان قرارها.. استجمعت كل قوتها وابتسمت ابتسامة واسعة: صباح الخييير!
تنهد فارس بخيبة وقال: صباح النور.. ليتكِ تأخرتِ.. كنت أريد مفاجأتك بفطور أعده لك بنفسي.
ابتسمت أكثر وتقدمت منهما، قبلت وجنته بقوة وقالت: أنت أظرف ولد في العالم.. هل أخبرتك بهذا من قبل؟
حك فارس شعره بخجل.. لقد افتقد تدليل أمه هذا.. كم كان يعشقه..: نعم.. أخبرتِني من قبل ولكنني لا أمانع التذكير!
ضحكت وقبلت جبينه، لم تدرك كم هي تفتقده حتى رأته ولمسته بالأمس.. قالت وهي تحيطه بذراعيها: هل تسمح لي بالمشاركة في التحضير إذن؟ أرجووك!
رفع فارس عينيه إلى أبيه وقال بنبرة من يدير الموقف: همممم.. ما رأيك بابا؟
ابتسم يوسف بصعوبة.. فذلك المشهد أثار مشاعره للغاية لسبب ما.. بلع ريقه وقال وهو يرخي كفه على كتفها: لا يمكننا أن نرفض طلبا لماما، صحيح؟
تنهد فارس وقال باستسلام: حسنا ماما.. ساعدينا وسأفاجئك في يوم آخر..
قبلت وجنته مرة أخرى وقالت بمرح: اتفقنا، ولكن إياك أن تنسى مفاجأتي!
أنت تقرأ
يومٌ لا نهايةَ له
Romanceتعيش منال منذ طفولتها مع الوحش.. الوحش، والعائلة الوحيدة. هذه القصة محض خيال، ولا تشابه بينها وبين الواقع. فضلا، لا تنقل هذه القصة أو تنشرها في أي مكان. لا ينصح بقراءة القصة لمن هم دون ١٨ عاما. *مهم: لا تروج هذه القصة لأي شكل من أشكال العنف، وإنما...